الذي لا يزول، كذلك جاء عن ابن عباس _رضي الله عنه_ وقال قوم: القائم على خلقه بالتدبير والحفظ، والعلي من العلو في الصفة والمجد، والعالي كذلك، والمتعالي عن أن يوصف بما يوصف به خلقه، والعظيم: الذي عظم عن صفات خلقه، والكبير: كذلك، والشاهد والشهيد: الذي لا تغيب عنه غائبة في خلقه، ولا يغيب عن شيء منه بحفظه إياه، وتدبيره له، والشاكر والشكور: الذي يقبل اليسير، ويعطي الكثير، والحق: أي أنه حق، ليس بباطل أي وجوده حق لا كما يقول المبطلون، والمبين: البين أي الذي ليس بذي خفاء فلا يعرف، والواسع في فضله على خلقه، والقريب في إجابة دعاء عباده ، والقريب في رحمته على خلقه، والحفيظ الذي لا يضيع شيئا، ولا يخفى عنه شيء، والودود: المحبب إلى خلقه بنعمته عليهم.
فإن قالوا: ما تأويل الصمد وما معناه؟ قلنا: فإن عبد الله بن عباس _رضي الله عنهما_، وهو صاحب التأويل، سئل عن ذلك فقال: هو السيد الذي قد انتهى في السؤدد، ثم أنشد قول الشاعر:
ألا بكر الناعي بخيري بني أسد ... بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
وسئل عنه عبد الله بن مسعود فقال: السيد المصمود إليه في الحوائج.
وقال الحسن هو صمد (¬1)
¬__________
(¬1) الصمد: الذي يصمد إليه، كما قال تعالى: {ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون} (سورة النحل: 53). وقال أهل اللغة: الصمد السيد، وقال قوم: الصمد الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزال، وقيل تفسيره ما بعده: {لم يلد ولم يولد}.
قال أبي بن كعب: الصمد الذي لا يلد ولا يولد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا يورث.
وقال علي، وابن عباس أيضا، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وسفيان: الصمد هو السيد الذي انتهى إليه السؤدد في أنواع الشرف، ومنه قول الشاعر:
علوته بحسام ثم قلت له ... ... ... خذها حذيف فأنت السيد الصمد
وقال أبو هريرة: إنه المستغني عن كل أحد، والمحتاج إليه كل أحد. وقال السدي: إنه المقصود في الرغائب، والمستعان في المصائب. وقال الحسين بن الفضل: إنه الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. وقال مقاتل: إنه الكامل الذي لا عيب فيه، ومنه قول الزبرقان:
سيروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا ... ... ... ولا رهينة إلا سيد صمد.
راجع تفسير القرطبي 20: 245، زاد المسير 9: 267 268.
البيت لسبرة بن عمرو الأسدي، وهو في مجاز القرآن 2: 316، وتهذيب الألفاظ 270، والسمط 933، والطبري 30: 347، واللسان: صمد.
Página 199