ومنهم لنجين:
ذكر المؤرخون أنه سوري وأنه كان في القرن الثالث، ولم يذكروا مكان مولده ولا سنته، وقد درس الفلسفة على بلوتين في الإسكندرية وفتح مدرسة بأثينا يدرس الفلسفة فيها، وكان برفير من تلامذته، وسمعت زينب ملكة تدمر بأخباره فاستقدمته إليها، وأقامته أولا أستاذا في بلاطها ثم استوزرته، ثم قتله أورليان لدى فتحه تدمر، فتحمل العذاب صابرا غير وجل، وألف كتبا كثيرة لم يتوصل إلينا منها إلا مقالة في أسلوب الكلام السامي من أحسن ما ألف في انتقاد الكلام، ممن ترجموها إلى الإفرنسية العالم بوجولا سنة 1853.
ومنهم يوليوس:
ويوصف بالإفريقي، والأرجح أن أصله من إفريقيا، ولكنه ولد ونشأ في فلسطين بقرية عمواص، وهو غير يوليوس الإفريقي المؤرخ، وله خمسة كتب في التاريخ ضمنها ذكر الأحداث التي كانت من خلق الإنسان إلى مجيء المسيح، ثم خلاصة تاريخ كل ما كان من مولد المخلص إلى أيام مكرين ملك الرومانيين، وكتب رسالة إلى أوريجانوس في تاريخ سنوسة ورسالة يوفق بها بين نسبي المسيح اللذين ذكرهما متى ولوقا، وكان من العمدة التي أرسلها أهل عمواص إلى الملك أليوكبل، فوكل إليه تجديد مدينتهم التي كانت قد احترقت وسماها الرومانيون نيكوبولي أي: مدينة النصر، وكان في عهد الملكين أليوكبل وإسكندر ساويروس، والأولى أن يعد بين المشاهير الدينيين، وإن كان وصف عبد يشوع الصوباوي له بأسقف غير صحيح.
الفصل السادس
في تاريخ سورية الديني في القرن الثالث
(1) في بطاركية أنطاكية وأساقفة أورشليم
قد استوفينا في تاريخ سورية ذكر كل من اتصل إليه علمنا من بطاركة أنطاكية وأورشليم، وأما في هذا الجزء فنقتصر على ذكر من اشتهر منهم، فممن اشتهروا من بطاركة أنطاكية في القرن الثالث بابيلا الشهير، فإنه مات مغللا بالقيود، فقد منع والي أنطاكية عن الدخول إلى الكنيسة، فحنق لذلك وقتل كثيرين من المسيحيين، وألحق أسقفهم بهم سنة 251 وخلفه فابيوس، وروى أوسابيوس أن كرنيليوس الحبر الروماني أنفذ إليه رسالة في شأن من يجحدون الإيمان إبان الاضطهاد ... وكان من هؤلاء البطاركة في هذا القرن بولس السيمساطي المبتدع ارتقى إلى البطريركية نحو سنة 262، وكان همه مصروفا إلى الغنى والانهماك بالملاذ، وكانت له حظوة كبرى عند زينب ملكة تدمر حتى عهدت إليه بجباية الخراج في ولاية أنطاكية، واتصل إلى ابتداع بدعة زعم فيها أن ابن الله لم يكن من الأزل، بل حل فيه كلمة الله وحكمته عندما ولد، فاجتمع كثيرون من أساقفة أنطاكية لإفحامه وبعد أن أكثروا في البحث معه، وبقي مكابرا نبذوا ضلاله وأذاعوا أنه مخالف للإيمان، ثم عقد مجمع آخر بأنطاكية، وإذ لم يبرح مصرا على غيه حطوه عن مقامه ، وخلعوه من البطريركية وأقاموا مكانه دمنوس، فاستعصى بولس في دار البطريركية معتمدا على حماية زينب له فلجأ الأساقفة إلى الملك أورليان، فحكم أن تكون الدار لمن يحكم بها حبر رومة وأساقفة إيطاليا، فكان ذلك شهادة من ملك وثني لرياسة أحبار رومة.
وقد اشتهر من أساقفة أورشليم (لم يكن الكرسي الأورشليمي في القرون الأولى بطريركيا) إسكندر خليفة نرسيس، وروى عنه أوسابيوس (ك6 من تاريخه ف20) أنه جمع مكتبة بأورشليم أدخل إليها كثيرا من كتب العلماء، وأنه هو أخذ عنها مادة غزيرة لتآليفه، وأنه كان يتردد إلى أوريجانس؛ ليستمع كلامه وأنه اقتيد إلى محكمة الوالي فجاهر بالإيمان بالمسيح فألقي بالسجن بقيصرية، حيث قضى حبا بالإيمان نحو سنة 250 وخلفه مازابان، ثم خلف هيميناوس مازابان واشتهر بفضائله، وروى لاكويان أنه شهد المجمعين اللذين عقدا بأنطاكية كبتا لبولس السيمساطي، ويظهر أنه استمر على كرسي أورشليم من سنة 266 إلى سنة 298م. (2) في المشاهير من أساقفة سورية في القرن الثالث
تيرانيوس أسقف صور عده أوسابيوس من جملة الشهداء الذين قاسوا أعذبة مبرحة في أيام ديوكلتيان وأخيرا طرحوه بالبحر، ومن أساقفة صور أيضا متوديوس وألف كتابا في تفسير سفر التكوين ومقالة في الحرية، وله قصائد نحو عشرة آلاف بيت يرد بها مزاعم برفير الصوري، وبقي من تآليفه مقالة موسومة بعيد العذارى.
Página desconocida