65

El Muhalla

المحلى

Investigador

عبدالغفار سليمان البنداري

Editorial

دار الفكر

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

Fiqh zahir
[مَسْأَلَةٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُقَلِّدَ أَحَدًا لَا حَيًّا وَلَا مَيِّتًا]
مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُقَلِّدَ أَحَدًا، لَا حَيًّا وَلَا مَيِّتًا، وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الِاجْتِهَادِ حَسَبَ طَاقَتِهِ، فَمَنْ سَأَلَ عَنْ دِينِهِ فَإِنَّمَا يُرِيدُ مَعْرِفَةَ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ ﷿ فِي هَذَا الدِّينِ، فَفُرِضَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ أَجْهَلَ الْبَرِيَّةِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ مَوْضِعِهِ بِالدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا دُلَّ عَلَيْهِ سَأَلَهُ، فَإِذَا أَفْتَاهُ قَالَ لَهُ هَكَذَا قَالَ اللَّهُ ﷿ وَرَسُولُهُ؟ فَإِنْ قَالَ لَهُ نَعَمْ أَخَذَ بِذَلِكَ وَعَمِلَ بِهِ أَبَدًا، وَإِنْ قَالَ لَهُ هَذَا رَأْيِي، أَوْ هَذَا قِيَاسٌ، أَوْ هَذَا قَوْلُ فُلَانٍ، وَذَكَرَ لَهُ صَاحِبًا أَوْ تَابِعًا أَوْ فَقِيهًا قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا، أَوْ سَكَتَ أَوْ انْتَهَرَهُ أَوْ قَالَ لَهُ لَا أَدْرِي، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ، وَلَكِنَّهُ يَسْأَلُ غَيْرَهُ. بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩] فَلَمْ يَأْمُرْنَا ﷿ قَطُّ بِطَاعَةِ بَعْضِ أُولِي الْأَمْرِ، فَمَنْ قَلَّدَ عَالِمًا أَوْ جَمَاعَةَ عُلَمَاءَ فَلَمْ يُطِعْ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا رَسُولَهُ ﷺ وَلَا أُولِي الْأَمْرِ، وَإِذَا لَمْ يَرُدَّ إلَى مَنْ ذَكَرْنَا فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ ﷿ وَلَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ ﷿ قَطُّ بِطَاعَةِ بَعْضِ أُولِي الْأَمْرِ دُونَ بَعْضٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ قَالَ: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ﴾ [التوبة: ١٢٢] قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ ﷿ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ النَّافِرِ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ رَأْيُهُ، وَلَا أَنْ يُطَاعَ أَهْلُ الذِّكْرِ فِي رَأْيِهِمْ وَلَا فِي دِينٍ يَشْرَعُونَهُ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﷿، وَإِنَّمَا أَمَرَ تَعَالَى بِأَنْ يَسْأَلَ أَهْلَ الذِّكْرِ عَمَّا يَعْلَمُونَهُ فِي الذِّكْرِ الْوَارِدِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ، لَا عَمَّنْ قَالَهُ مَنْ لَا سَمْعَ لَهُ وَلَا طَاعَةَ، وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَبُولِ نِذَارَةِ النَّافِرِ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ فِيمَا تَفَقَّهَ فِيهِ مِنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي أَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا فِي دِينٍ لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ ﷿. وَمَنْ ادَّعَى وُجُوبَ تَقْلِيدِ الْعَامِّيِّ لِلْمُفْتِي فَقَدْ ادَّعَى الْبَاطِلَ وَقَالَ قَوْلًا لَمْ يَأْتِ بِهِ قَطُّ نَصُّ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ قَوْلٌ بِلَا دَلِيلٍ، بَلْ الْبُرْهَانُ قَدْ جَاءَ بِإِبْطَالِهِ، قَالَ تَعَالَى ذَامًّا لِقَوْمٍ قَالُوا: ﴿إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا﴾ [الأحزاب: ٦٧] وَالِاجْتِهَادُ إنَّمَا مَعْنَاهُ بُلُوغُ الْجَهْدِ فِي طَلَبِ دِينِ اللَّهِ ﷿

1 / 85