Muhalhil, el señor de Rabia
المهلهل سيد ربيعة
Géneros
فبصبص الكلب بذنبه ونظر إليه كأنه يضاحكه، ثم وثب الفارس فوق ظهر فرسه فاستوى عليه ومسح بيده على رأسها وعرفها وأرخى لجامها، وأخذ يتغنى ببعض شعره.
وقضى كليب في عودته ساعة طويلة يسير على هينته وهو يقلب نظره في الفضاء، وقد هزته نشوة أنسته كل شجونه الثائرة، حتى مالت الشمس منحدرة نحو الأفق الغربي، ولمعت تحتها الأزهار تتألق بين بياض في صفرة، وحمرة في زرقة. فلما بلغ جانب الهضبة مما يلي روضته، نزل عن فرسه وأرسلها فسارت وحدها متجهة إلى مضارب الخيام، وسار كليب وحده نحو الروضة حتى تبعث امرأته إليه الطعام. ورأى في طريقه إلى الروضة إبل جساس صادرة عن الماء، ورأى جساسا في عدوة الوادي على فرسه يسير في أعقابها. وكان في يده رمح قد ركزه في ركابه، فنظر كليب نحوه نظرة قصيرة فرآه ينظر نحوه، وخيل إليه وهو على تلك المسافة البعيدة أن نظرته لم تخل من التحدي، فصرف وجهه عنه ولم يرد أن يفكر في أمره حتى لا يعكر الصفاء الذي شمله من جولة اليوم.
ودخل الروضة حتى بلغ موضع الخميلة وسار في خفة يرفع بيده أطراف الغصون المتدلية باحثا عن عش القبرة التي رآها في الصباح.
وكان يتغنى بصوت خافت:
قنبرة تدعو بإلف قنبر
هاتفة بين رياض الحجر
لا ترهبي خوفا ولا تنقري
فأنت جاري من صروف الحذر
إلى بلوغ يومك المقدر
وما كاد يدير بصره بين الفروع حتى هاله ما رأى: كان العش هناك محطوما في أذيال الغصون المتدلية، وكانت الأفراخ فيه مدكوكة قد سويت بالأرض واختلطت دماؤها القليلة بأعواد القش والأوراق المتساقطة من الشجر.
Página desconocida