Muhalhil, el señor de Rabia
المهلهل سيد ربيعة
Géneros
قال أحدهم: «لقد نصحه امرؤ القيس ألا يقتل بجيرا فلم يطعه، بل قتل الفتى المسكين ظلما، ولم يشفق من فجيعة أخته أم الأغر فيه.»
وقال آخر: «ولكن أدهى من ذلك أنه لم يستطع أن يقف للحارث بن عباد ولم يمنع نفسه منه. ألم تروه والحارث يحمله أسيرا على فرسه ويعدو به وهو ملقى على ظهر جواده كأنه صبي؟ أي عار جلب هذا الزير على قومه!»
وقال ثالث: «ولا شك في أنه هو الذي دل الحارث على ابن أبان ليقتله. لقد سمعت بعض بني بكر يتحدثون بهذا وأنا مختف في الكهف عقب الهزيمة. لقد قالوا إنه دل الحارث على ابن أبان سيد تغلب، وما أراد بخيانته إلا أن يشفي حقده من شيخنا الباسل الذي كان يجادله ولا يبتغي إلا خيركم.»
فعلت من الجمع صيحة إنكار، وقال أحد الجلوس: أو سمعت هذا يا ابن الأجدع؟
فقال الشاب: «سمعت هذا بأذني هاتين، وسيأتيكم مصداق قولي إذا رأيتم المهلهل غدا يسير في آثاركم؛ فقد من عليه الحارث وأطلقه بعد أن خان له سيد تغلب ثمنا لحياته. نعم لقد اشترى حياته بالعار والخسة.»
فعادت الضجة أعلى وأعنف، واختلطت بها الأصوات، وتطايرت في ثناياها ألفاظ الحنق، وكان اسم المهلهل يتردد فيها مع أقذع السباب، ثم تجرأ أحدهم فقال: «إنه قد سفك دماءنا في سبيل دم أخيه الطاغية، وسرنا وراءه كهولا وشبانا، وها هو ذا يخوننا ويدل أعداءنا علينا لكي ينجو بحياته.»
فصاح الجمع مضطربا: القتل له! القتل للمهلهل! القتل للخائن الجبان!
فلم يطق المهلهل البقاء وتنحى عن موضعه مسرعا، وسار وحده وهو لا يدري ماذا يرى من أمامه. كان يتعثر من الاضطراب وقلبه جائش بالألم ورأسه مضطرب بما فيه من الهموم، حتى إذا اقترب من خيام قومه سار وهو يترنح إلى خيمة الهجرس ابن أخيه، وناداه في احتراس من باب الخباء، فتنبه الهجرس وخرج إليه مسرعا، وعرفت سلمى زوجة الهجرس صوت أبيها المهلهل فخرجت إليه متلهفة.
فلما وقع نظر المهلهل عليها أشار إلى الهجرس ليتبعه، وأشار إلى سلمى أن تدخل الخباء في صمت. ثم مضى مع ابن أخيه حتى خرجا من بين الخيام وذهب إلى جانب كثيب من الكثبان القريبة، فاستترا وراءه وجعلا يتحدثان.
ولم تمض بعد ذاك الاجتماع ساعة حتى كان المهلهل والهجرس يستعدان للنزوح عن قومهما، وقد عزم المهلهل عزما لا يتزعزع على أن يترك جوار قوم حدث بعضهم بعضا بسبه وتنادوا بقتله، وخاض جماعة منهم في عرضه وشرفه وانتقصوا منه وتآمروا عليه. ولم يصحبه في عزيمة الرحيل إلا طائفة ضئيلة من أهله وعبيده.
Página desconocida