Muhalhil, el señor de Rabia
المهلهل سيد ربيعة
Géneros
فنظر المهلهل نظرة ساهمة إلى الجثة الممدودة وإلى وجهها المعفر، وغاب حينا في صمت وتفكير، ثم اختلجت شفتاه قليلا ونظر إلى الفتى وقال: ألا تعرف فضل همام عليك يا ناشرة؟
فقال الفتى: نعم لقد أخبرتني أمي.
وكان ناشرة فتى من تغلب ولدته امرأة فقيرة أرادت أن تئده بعد ولادته خوفا من الفقر، خشية ألا تجد طعاما يكفيها مع ولدها، فأحسن همام إليها وأعطاها ناقة ولودا تطعم من لبنها، وضم الطفل إليه ليعيش مع أهله، حتى شب ناشرة وعرف أنه تغلبي، فذهب إلى قومه تغلب ليحارب معهم في وقعة واردات.
وبعد صمت قصير أردف الفتى قائلا: لم أعرف في شيبان أكرم منه لأقتله في ثأر كليب.
فحول المهلهل بصره عن الفتى، ثم نظر إلى القتيل الطريح كأنه يريد أن يملأ منه عينيه، ثم قال والدموع تجري في مآقيه: «أي همام! يا رب ليلة جمعتنا على المودة، ويا رب حديث تبادلناه على الصفاء. إن الثأر حبب إلي قتلك فأنت كفء كريم، ولكن قلبي ينازعني إليك يا صديق الشباب. وإن كبدي لحرى عليك يا خليل الصبا. ما قتل بعد كليب من هو أعز منك علي، وما بقي بعدكما في الحيين من يعقد الخير عليه.»
ثم التفت إلى الشاب وقال في وجوم: اذهب يا ناشرة وغيب وجهك عني.
ومضى نحو معسكر الجيش، وترك الشاب مشدوها حائر الفؤاد، ولم يستطع المهلهل أن يبقى بعد ذلك في واردات.
ففي تلك الليلة نفسها كان يسير في طليعة قومه عائدين إلى أرضهم، فقد هزه قتل همام فلم يدع له رغبة في معاودة القتال.
الفصل العاشر
مرت السنوات تتوالى والحرب لا تزال دائرة بين بني العم المتناضلين في الفناء، وشب الصغير في أثنائها وفني الكبير، ونبغ من الفرسان جيل في إثر جيل. ولكن المهلهل لم تهدأ ثائرته ولم يرتو بعد مما أسال من الدماء.
Página desconocida