عدم الماء فلم يجز في وقت لا يجوز فيه فعل التيمم والطلب أن ينظر عن يمينه وشماله وأمامه ووراءه فإن كان بين يديه حائل من جبل أو غير صعده ونظر حواليه وإن كان معه رفيق سأله عن الماء فإن بذله لزمه قبوله لأنه لا منة عليه في قبوله فإن باعه منه بثمن المثل وهو واجد للثمن غير محتاج إليه لزمه شراؤه كما يلزمه شراء الرقبة في الكفارة والطعام للمجاعة فإن لم يبذله له وهو غير محتاج إليه لنفسه لم يجز له أن يكابره على أخذه كما يكابره على طعام يحتاج إليه للمجاعة وصاحبه لا يحتاج إليه لأن الطعام ليس له بدل وللماء بدل فإن دل على ماء ولم يخف فوات الوقت ولا انقطاعًا عن الرفقة لا ضررًا على نفسه وماله لزمه طلبه وإن طلب ولم يجد فتيمم ثم طلع عليه ركب قبل أن يدخل في الصلاة لزمه أن يسألهم عن الماء فإن لم يجده معهم أعاد التيمم لأنه لما توجه عليه الطلب بطلب التيمم وإن طلب ولم يجد جاز له التيمم لقوله ﷿: "فلم تجدوا ماء فتيمموا" "المائدة: ٦" وهل الأفضل أن يقدم التيمم والصلاة أم لا؟ ينظر فيه فإن كان على ثقة من وجود الماء أخر الوقت فالأفضل أن يؤخر التيمم لأن الصلاة في أول وقتها فضيلة والطهارة بالماء فريضة فكان انتظار الفريضة الأولى وإن كان على إياس من وجوده فالأفضل أن يتيمم ويصلي لأن الظاهر أنه لا يجد الماء فلا يضيع فضيلة أول الوقت لأمر لا يرجوه وإن كان يشك في وجوده ففيه قولان: أحدهما أن تأخيرها أفضل لأن الطهارة بالماء فريضة والصلاة في أول الوقت فضيلة فكان تقديم الفريضة أولى والثاني أن تقديم الصلاة بالتيمم أفضل وهو الأصح لأن فعلها في أول الوقت فضيلة متيقنة والطهارة بالماء مشكوك فيها فكان تقديم الفضيلة المتيقنة أولى فإن تيمم وصلى ثم علم أنه كان في رحله ماء نسيه لم تصح صلاته وعليه الإعادة على المنصوص لأنها طهارة واجبة فلا تسقط بالنسيان كما لو نسي عضوًا من أعضائه فلم يغسله وروى أبو ثور عن الشافعي ﵀ أنه قال: تصح صلاته ولا إعادة عليه لأن النسيان عذر حال بينه وبين الماء فسقط الفرض بالتيمم كما لو حال بينهما سبع وإن كان في رحله ماء فأخطأ رحله فطلبه فلم يجده فتيمم وصلى ففيه وجهان: قال أبو علي الطبري ﵀: لم تلزمه الإعادة لأنه غير مفرط في الطلب ومن أصحابنا من قال تلزمه لأنه فرط في حفظ الرحل فلزمته الإعادة.
فصل: وإن وجد بعض ما يكفيه للطهارة ففيه قولان: قال في الأم: يلزمه استعمال ما معه ثم يتيمم لقوله ﷿: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [المائدة:٦] وهذا واجد للماء فيجب أن لا يتيمم وهو واجد له ولأنه مسح أبيح للضرورة فلا ينوب إلا في موضع
1 / 70