فصل: ولا يصح التيمم إلا بالنية لما ذكرناه في الوضوء وينوي بالتيمم إستباحة الصلاة فإن نوى به رفع الحدث ففيه وجهان: أحدهما لا يصح لأنه لا يرفع الحدث والثاني يصح لأن نية رفع الحدث تتضمن إستباحة الصلاة ولا يصح التيمم للفرض إلا بنية الفرض فإن نوى بتيممه صلاة مطلقة أو صلاة نافلة لم يستبح الفريضة وحكى شيخنا أبو حاتم القزويني ﵀ أن أبا يعقوب البارودي حكى عن الإملاء قولًا آخر أنه يستبيح به الفرض ووجهه أنه طهارة فلم يفتقر إلى نية الفرض كالوضوء والذي يعرفه البغداديون من أصحابنا كالشيخ أبي حامد الإسفراييني وشيخنا القاضي أبي الطيب رحمهما الله أنه لا يستبيح به الفرض لأن التيمم لا يرفع الحدث وإنما يستباح به الصلاة فلا يستبيح به الفرض حتى ينويه بخلاف الوضوء فإنه يرفع الحدث فاستباح به الجميع وهل يحتاج إلى تعيين الفرضة فيه وجهان: أحدهما أنه يحتاج إلى تعيينها لأن كل موضع افتقر إلى نية الفريضة افتقر إلى تعيينها كأداء الصلاة والثاني لا يحتاج إلى تعيينها ويدل عليه قوله في البويطي فإن تيمم للنفل كان له أن يصلي على الجنازة نص عليه في البويطي لأن صلاة الجنازة كالنافلة وإن تيمم لصلاة الفرض استباح به النفل لأن النفل تابع للفرض فإذا استباح المتبوع استباح التابع كما إذا أعتق الأم عتق الحمل.
فصل: وإذا أراد التيمم فالمستحب له أن يسمي الله ﷿ لأنه طهارة عن حدث فاستحب فيها اسم الله ﷿ عليه كالوضوء ثم ينوي ويضرب يديه على التراب ويفرق أصابعه فإن كان التراب ناعمًا فترك الضرب ووضع اليدين جاز ويمسح بهما وجهه ويوصل التراب إلى جميع البشرة الظاهرة من الوجه وإلى ما ظهر من الشعر ولا يجب إيصال التراب إلى ما تحت الحاجبين والشارب والعذارين والعنفقة ومن أصحابنا من قال يجب ذلك كما يجب إيصال الماء إليه في الوضوء والمذهب الأول لأن النبي ﷺ وصف التيمم واقتصر على ضربتين ومسح وجهه بإحداهما ومسح إحدى اليدين بالأخرى وبذلك لا يصل التراب إلى باطن هذه الشعور ويخالف الوضوء لأنه لا مشقة في إيصال الماء إلى ما تحت هذه الشعور وعليه مشقة في إيصال التراب فسقط وجوبه ثم يضرب ضربة أخرى فيضع بطون أصابع يده اليسرى على ظهور أصابع يده اليمنى ويمرها على ظهر الكف فإذا بلغ الكوع جعل أطراف أصابعه على حرف الذراع ثم يمر ذلك إلى المرافق ثم يدير بطن كفه إلى بطن الذراع ويمره عليه ويرفع إبهامه فإذا بلغ الكوع أمر إبهام يده اليسرى على إبهام يده اليمنى ثم يمسح بكفه اليمنى يده اليسرى مثل
1 / 68