في الوضوء بالشك والأصل عدمه وليس أحد الأصليين أولى من الآخر ولا سبيل إلى إسقاط حكمهما لأن الذمة قد اشتغلت بفرض الطهارة والصلاة والتخيير لا يجوز لأنه إذا جعله مذيًا لم يأمن من أن يكون منيًا فلم يغتسل له وإن جعله منيًا لم يأمن أن يكون مذيًا ولم يغسل الثوب منه ولم يرتب الوضوء منه واجب أن يجمع بينهما ليسقط الفرض بيقين.
فصل: وأما الحيض فإنه يوجب الغسل لقوله ﷿: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ﴾ [البقرة:٢٢٢] الآية قيل في التفسير هو الاغتسال ولقوله ﷺ لفاطمة بنت أبي حبيش "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي١" وأما دم النفاس فإنه يوجب الغسل لأنه حيض مجتمع ولأنه يحرم الصوم والوطء ويسقط فرض الصلاة فأوجب الغسل كالحيض وأما إذا ولدت المرأة ولدًا ولم تر دمًا ففيه وجهان: أحدهما: أنه يجب عليها الغسل لأن الولد مني منعقد والثاني: لا يجب لأنه لا يسمى منيًا وإن استدخلت المرأة المني ثم خرج منها لم يلزمها الغسل.
فصل: وإن أسلم الكافر ولم يجب عليه غسل في حال الكفر فالمستحب أن يغتسل لما روي أنه أسلم قيس بن عاصم فأمره النبي ﷺ أن يغتسل ولا يجب ذلك لأنه أسلم خلق كثير ولم يأمرهم النبي ﷺ بالغسل وإن وجب عليه غسل في حال الكفر ولم يغتسل لزمه أن يغتسل وإن كان قد اغتسل في حال الكفر فهل يجب عليه إعادته؟ فيه وجهان: أحدهما: لا تجب الإعادة لأنه غسل صحيح بدليل أنه تتعلق به إباحة الوطء في حق الحائض إذا طهرت فلم تجب إعادته كغسل المسلم والثاني تجب الإعادة وهو الأصح لأنه عبادة محضة فلم تصح من الكافر في حق الله تعالى كالصوم والصلاة.
فصل: ومن أجنب حرم عليه الصلاة والطواف ومس المصحف وحمله لأنا دللنا على أن ذلك يحرم على المحدث فلأن يحرم على الجنب أولى ويحرم عليه قراءة القرآن لما روى ابن عمر ﵁ أن النبي ﷺ قال: "لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن٢" ويحرم عليه اللبث في المسجد ولا يحرم عليه العبور لقوله ﷿:
_________
١رواه البخاري في كتاب الحيض باب ١٩. مسلم في كتاب الحيض حديث ٦٢. أبو داود في كتاب الطهارة باب ١٠٨. الترمذي في كتاب الطهارة باب ٩٣. النسائي في كتاب الطهارة باب ١٣٣. الموطأ في كتاب الطهارة حديث ١٠٤.
٢ رواه الترمذي في كتاب الطهارة باب ٩٨. ابن ماجه في كتاب الطهارة باب ١٠.
1 / 63