والثاني أنه يصح التيمم لأن التيمم لا تستباح به الصلاة من هذه النجاسة فصح فعله مع وجودها بخلاف نجاسة النجو وإن أراد الاستنجاء نظرت فإن كانت النجاسة بولًا أو غائطًا ولم تجاوز الموضع المعاتد جاز بالماء والحجر والأفضل أن يجمع بينهما لأن الله تعالى أثنى على أهل قباء فقال فيهم ﴿رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة:١٠٨] فسألهم النبي ﷺ عما يصنعون فقالوا: نتبع الحجارة الماء فإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل لأنه أبلغ في الإنقاء وإن اقتصر على الحجر جاز لما روت عائشة ﵂ قالت: بال رسول الله ﷺ فقام عمر ﵁ خلفه بكوز من ماء فقال: "ما هذا يا عمر"؟ فقال: ماء تتوضأ به قال: "ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ ولو فعلت لكان سنة" ولأنه قد يبتلى بالخارج في موضع لا يلحق الماء فيه فسقط وجوبه وإن أراد الاقتصار على الحجر لزمه أمران: أحدهما أن يزيل العين حتى لا يبقى إلا أثر لاصق لا يزيله إلا الماء والثاني أن يستوفي ثلاث مسحات لما روي أن رجلًا قال لسلمان رضي اله عنه: علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة فقال: أجل نهانا أن نجترئ بأقل من ثلاثة أحجار فإن استنجى بحجر له ثلاثة أحرف أجزأه لأن القصد عدد المسحات وقد وجد ذلك وفي كيفية الاستنجاء بالحجر وجهان: قال أبو علي ابن أبي هريرة ﵁: يضع حجرًا على مقدم صفحته اليمنى ويمرها إلى آخرها ثم يدير الحجر إلى الصفحة اليسرى ويمره عليها إلى أن ينتهي إلى الموضع الذي بدأ منه ويأخذ الثاني فيمره على الصفحة اليسرى ويمره إلى آخرها ثم يديره إلى الصفحة اليمنى فيمره عليها إلى أن ينتهي إلى الموضع الذي بدأ منه ويأخذ الثالث فيمره على الصفحتين والمسربة لقوله ﷺ: يقبل بواحد ويدبر بآخر ويحلق بالثالث وقال أبو إسحاق: يمر حجرًا على الصفحة اليمنى وحجرًا على الصفحة اليسرى وحجرًا على المسربة لقوله ﷺ: أو لا يجد ثلاثة أحجار حجرين للصفحتين وحجرًا للمسربة والأول أصح لأنه يمر كل حجر على المواضع الثلاثة ولا يجوز أن يستنجي بيمينه ولما روت عائشة ﵂ قالت: كانت يد رسول الله ﷺ اليمنى لطهوره وطعامه وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى فإن يستنجي بغير الماء أخذ ذكره بيسراه ومسحه
1 / 58