محفوظة في المتحف البريطاني وفي مكتبة استانبول «١»، فضلا عن طبعته الصادرة في القاهرة ١٢٩٩ هـ (١٨٨٢ م) .
د- ويعتقد بروكلمن أن كتاب «تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين» - الذي طبعه طاهر الجزائري في القاهرة، نقلا عن مخطوظ بيت المقدس الموجود في المكتبة الخالدية (تحت رقم ٧٢)، مماثل في موضوعه، وبالتالي غير بعيد في مضمونه عن الكتاب أعلاه، وهو الذريعة إلى مكارم الشريعة.
وتبقى لنا إلمامة وافية بكتاب الراغب الذي نقدّم له وهو «محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء» .
كان الراغب الأصفهاني، مثقفا متوازن الأبعاد الثقافية والفكريّة، وكانت شخصيته كمؤلف ذات مرتكزات ثلاثة فهو في الآن نفسه الفقيه والمتكلّم والأديب. ولهذا خاض في مسائل الشريعة والعقيدة والأخلاق، ومزج الأدلة الدينيّة بالأدلة العقلية وكتابه «تحقيق البيان» المنوّه به في مقدّمة «كتاب الشريعة» كما يقول بروكلمن يعتبر كتابا في اللغة والكتابة والأخلاق والعقائد والفلسفة وعلوم الأوائل.
إلا أن أهم أثر للراغب الذي من شأنه الكشف عن شخصية الأديب الناقد فهو كتابه «محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء» وهو أشبه بالكتاب الموسوعي الغنيّ بالشفافيّة الأدبيّة والذوق الشعري، وروح الكاتب الذي يجيد أساليب التصنيف وطرق العرض والتبويب، والذي لا تحوجه المنهجيّة العلميّة ولا أداة التقسيم المنطقي؛ يستمدها- ولا ريب- من زاد معرفي واسع، وإلمام بمصادر شتّى أدبيّة وفلسفيّة.
وخير دليل على هذه المقولة ما أورده الراغب نفسه في مقدّمة كتابه ذاكرا أنه استجاب في وضعه لرغبة من ينعته بقوله: «سيّدنا»، دونما تحديد أو تركيز أو وصف. ولا نستيطع نحن التكهن بصاحب السيادة الذي أحبّ أن يختار له الراغب هذه الفصول «في محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء» من «نكت الأخبار وعيون الأشعار»، ليغدو الكتاب «صيقل الفهم ومادة العلم» .
والدّارس للمقدمة التي صدّر بها الراغب كتابه، والمتأمل في أبواب الكتاب وفصوله والتي استعاض فيها عن التقسيم المألوف بمصطلح «الحدّ»، فجعل كتابه «خمسا وعشرين حدا» جامعة لمسائل العقل والعلم والجهل والسيادة والعدل والأخلاق والقرابة وأنواع المروءات والعرفان والعقوق، انطلاقا إلى الصناعات ومسائل الإيمان ومرابع العطاء والجود،
1 / 10