شتّى من العراق بين السلاجقة الغزّ وأنصار الغزنويّ. وكان من نتائج هذه الحروب تقدّم الطلائع السلجوقية نحو الحواضر العراقية.
وفي العام ٤٤٠ رافق وفاة أبي العلاء في المعرّة دخول المصريين إلى حلب بعد أن عجز صالح بن مرداس عن الثبات، والبلاد تعاني قحطا وأزمات اجتماعية، كما حصدت الأوبئة في بلاد ما وراء النهر نحو مليون ونصف من أهاليها.
وفي حدود السنة ٤٥٦ بسط السلطان طغرلبك السلجوقي ملكه على العراق بعد بلاد الريّ ونيسابور، وانتصر للشافعيّة، كما حلّ ألب أرسلان من سلاطين سلجوق على هراة وتقدّمت جيوشه إلى أذربيجان كما غزا العديد من حصون الروم قبل عودته إلى أصبهان.
ومن أبرز مظاهر الفكر في سياق حياة الراغب الأصفهاني قيام المدرسة النظامية ببغداد وانتداب مشاهير العلماء للتدريس فيها. ونظامية بغداد، هي التي احتضنت الغزالي يافعا في عهد الطلب وعالما قطبا في عهد الأستاذية.
وفي السياق عينه امتدت الحركة الإسماعيلية إلى الشام واشتد الصراع بينهم وبين السلاجقة بين كرّ وفرّ في العديد من النواحي والمدن، بينما كانت جيوش الفرنج تستولي على مدن الساحل بين طرابلس وبيروت.
وفي السنة التي مات فيها الراغب كان الملك بغدوين يحاصر مدينة صور. وصادف موته موت الإمام أبي حامد الغزالي.
ولئن كان عصر الراغب قاتما في العديد من النواحي العامّة السياسية والإدارية والاجتماعية ولا سيما من حيث اتساع رقعة الفتن الدينية، فهو في جانب آخر كان عصر ازدهار علمي وأدبي، من أبرز معالمهما قيام المدارس النظاميّة ونبوغ عدد كبير من العلماء والباحثين واهتمام الأدباء بالتأليف في شتّى حقول الأدب، وظهور المعاجم التاريخية والجغرافية والأدبيّة.
عاصر الراغب الأصبهاني من الشعراء أبا العلاء المعري (٤٤٩ هـ ١٠٥٧ م) وابن سنان الخفاجي (٤٦٦ هـ ١٠٧٣ م)، وابن حيوس (٤٧٣ هـ ١٠٨٠ م) من شعراء الشام؛ والطغرائي (٥١٤ هـ ١١٢٠ م) من شعراء العراق وأعالي الجزيرة، وابن الهبارية (٥٠٩ هـ ١١٥ م) وأبو إسحاق الغزاليّ (٥٢٤ هـ ١١٢٩ م) وابن عبدون (٥٢٠ هـ ١١٢٦ م)، وابن خفاجة من شعراء الأندلس.
ومن معاصريه الذين كانوا أقطاب العلوم اللغوية والأدبية: التبريزي (٥٠٢ هـ ١١٠٨ م)، والحريري صاحب المقامات (٥١٦ هـ ١٢٢ م)، وابن الشجري الشريف أبو السعادات (٥٤٢ هـ ١١٤٧ م)، وعبد القاهر الجرجاني (٤٧١ هـ ١٠٧٨ م)، والزوزني شارح المعلّقات (٤٨٦ هـ ١٠٩٣ م)، والميداني صاحب مجمع الأمثال (٥١٨ هـ
1 / 7