Mughrib
المغرب في حلى المغرب
Investigador
د. شوقي ضيف
Editorial
دار المعارف
Número de edición
الثالثة
Año de publicación
١٩٥٥
Ubicación del editor
القاهرة
بقرطبة وَكَانَ هَذَا الشيح باقعة قد أَخذ نَفسه بالوقوع فِي الْأَعْرَاض مَأْخَذ ابْن حَيَّان على مَا تقدم وَتركته بتونس فنعي إِلَى سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وَلم أر أعجب من شَأْنه فَإِنَّهُ كَانَ أعمى معطل الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ شنيع الْخلقَة لَا يزَال لعابه يسيل وَوَجهه يَهْتَز وَإِذا جاذبيه اهداب الاداب رَأَيْت مِنْهُ بحرا زاجرا وَكَانَ آيَة فِي الْحساب والفرائض مقدما على أَعْرَاض الْمُلُوك وَالْوُجُوه وحسبك أَنه لما قَالَ أَبُو زيد الفازازي كَاتب الْمَأْمُون بن الْمَنْصُور ابْن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن قصيدته الَّتِي أَولهَا الحزم والعزم منسوبان للْعَرَب وَكَانَ أنصاره عرب جشم قَالَ ابْن الصفار فِي مناقضتها قصيدته الَّتِي مِنْهَا فِي ذكر الْمَأْمُون عَم يحيى بن النَّاصِر ومخاصمة على الْخلَافَة ... وَإِن ينازعك فِي الْمَنْصُور ذُو نسب ... فنجل نوح ثوى فِي قسْمَة العطب ...
وَإِن يقل أَنا عَم فَالْجَوَاب لَهُ ... عَم النَّبِي بر شكّ أَبُو لَهب ..
وشاعت القصيدة وَبَلغت الْمَأْمُون فحرص على قَتله فَلَمَّا كبس مَدِينَة فاس وفر أَمَامه مِنْهَا يحيى بن النَّاصِر وَكَانَ ابْن الصفار فِي خدمته اختفى عِنْد عَجُوز فِي خوص على قَارِعَة الطَّرِيق وَقَامَت بِحَالهِ لما رَأَتْهُ عَلَيْهِ من الْأَعْذَار الْمُوجبَة للصدقة وَأمر الْمَأْمُون المنادين فِي الْأَسْوَاق بالبحث عَنهُ وتحذير من كتمه بإراقة الدَّم وَالْإِحْسَان لمن اظهره واذكيت الْعُيُون عَلَيْهِ فستره الله إِلَى أَن سكنت تِلْكَ النائرة وَلحق بإفريقية فَأحْسن إِلَيْهِ سلطانها أَبُو زَكَرِيَّا بن عبد الْوَاحِد واجرى عَلَيْهِ مشاهر وجالسه إِلَى أَن كرهه لما شَاهده من كَثْرَة وُقُوعه فِي الْأَحْيَاء والأموات فحجبه عَن مَجْلِسه وَلم يقطع الْإِحْسَان عَنهُ
1 / 118