Falacias Lingüísticas: El Tercer Camino hacia un Árabe Moderno
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Géneros
اللغة هي حاملة العالم، وأطلس الوجود، بحيث لا بجانبك الصواب إذا قلت إن حجم وجودك هو حجم لغتك.
هكذا يتبين لنا مبلغ السفه الذي نأتيه إذا نحن تخلينا عن هذه اللغة الجميلة الجليلة بعد كل الذي بلغته من الثراء والارتقاء.
التعريب شرط الحداثة والتغريب حياة بالانتساب.
من الحذق حين نثاقف العالم الغربي المتحضر أن نأخذ عنهم، ونهضم زادهم، ونتمثله تماما، ونحيله، بحكم التمثل ذاته، إلى كياننا وبنيتنا، لا أن نمنحهم أنفسنا ونتقمصهم تقمصا رخيصا، ونضحي بحقيقتنا دون مقابل.
آية الهضم التام أن يتحول المهضوم إلى الهاضم، فأنت، كما يقول بياجيه، حين تهضم الملفوف وتتمثله تحوله إلى أنسجتك وبنائك العضوي ولا تتحول أنت إلى ملفوف! كذلك الحال في هضم الفكر الغربي وتمثله، فمن شأن الفكر الذي تستوعبه بالفعل أن يتعضى فيك ويذوب في كيانك ويصطبغ بصبغتك؛ فلا نكاد نتبين من ملامحه الأولى شيئا إلا من طريق الظن والاستنباط، فهو يغيرك ويطورك فيما يتشتت داخلك ويتبدد فيك.
ذلك هو الفهم الحق والتمثل الأصيل.
وحالما تبينا في خطابك فكر غيرك كما هو، وتجلت لنا ملامحه بتمامها، فهو الدليل على أنك لم تقدر على هذا الفكر ولم تفهمه، وإن كنت تستظهره وتردده، إنه الفكر الذي لم تستوعبه بل استوعبك، ولم تهضمه بل هضمك.
ذلك هو التقليد السطحي والتقمص الرخيص.
لكي نقول: إننا استوعبنا الحداثة حقا يتعين أن نرى الحداثة استعربت وتحدثت العربية، ولكي نقول: إننا فهمنا العلم حقا؛ ينبغي أن يكون لدينا ما يثبت أن العلم نفسه فهم العربية، أي تعرب وتوطن في معجمنا وطاب له المقام! وما دون ذلك هو استعمال من الظاهر، هو تمسح وتقول وتخلف مقلوب.
إن لدينا منتسبين كبارا يعيشون بيننا في الشرق كمواطنين بالانتساب في العالم الغربي، يتلبسون بالنموذج الأوروبي الأمريكي، ويتشدقون في مجالسهم بالإنجليزية، ويوقعون بها أعمالهم ورسائلهم، إن أسلوبهم يثير الشفقة، وإنجليزيتهم، بحكم الانتساب ذاته، ركيكة عجماء، يظن هؤلاء أنهم متحضرون مجددون، وهم غارقون إلى الأذقان في تقليد آخر، لقد نسوا لغتهم التي لن يبدعوا إلا بها، واستعاروا لغة غيرهم التي لن يعرفوها إلا بالنقل والوساطة، ولو عرفوا من اللفظ معناه المباشر فإنهم في عمه عن شحناته وظلاله، وإيحاءاته وتداعياته، وتجلياته الثانية وأقانيمه الأخرى، ومنشئه في التاريخ ومسيره في الزمن، وهم بذلك يخسرون البعد الثالث للغة، ويتبنون لغة مسطحة مصمتة لن يفكروا بها إلا تفكيرا مسطحا مصمتا.
Página desconocida