Falacias Lingüísticas: El Tercer Camino hacia un Árabe Moderno
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
Géneros
21
هذ أمر ينبغي تفهمه ابتداء حين يتبين لنا خطأ القدماء الأولي فيما ذهبوا إليه، «فاللغة في كل مجتمع نظام عام يشترك الأفراد في اتباعه، ويتخذونه أساسا للتعبير عما يجول بخواطرهم، وفي تفاهمهم بعضهم مع بعض. واللغة ليست من الأمور التي يصنعها فرد معين أو أفراد معينون، وإنما تخلقها طبيعة الاجتماع، وتنبعث عن الحياة الجمعية، وما تقتضيه هذه الحياة من تعبير عن الخواطر، وتبادل للأفكار، وكل فرد منا ينشأ فيجد بين يديه نظاما لغويا يسير عليه مجتمعه فيتلقاه عنه تلقيا بطريق التعليم والمحاكاة، كما يتلقى سائر النظم الاجتماعية الأخرى، ويصب أصواته في قوالبه، ويحتذيه في تفاهمه وتعبيره».
22 «واللغة من الأمور التي يرى كل فرد نفسه مضطرا إلى الخضوع لما ترسمه، وكل خروج على نظامها، ولو كان عن خطأ، أو جهل، يلقى من المجتمع مقاومة تكفل رد الأمور إلى نصابها الصحيح، وتأخذ المخالف ببعض أنواع الجزاء ... وإذا حاول فرد أن يخرج كل الخروج على النظام اللغوي بأن يخترع لنفسه لغة يتفاهم بها فإن عمله هذا يصبح ضربا من ضروب العبث العقيم؛ إذ لن يجد من يفهم حديثه، ولن يستطيع إلى نشر مخترعه هذا سبيلا».
23
والحق أن «علم اللغة»
Linguistics
الحديث من العلوم الإنسانية الدقيقة التي بلغت في أدائها ونتائجها مستوى من الدقة العلمية يقترب من مستوى العلوم الطبيعية، وصارت مثالا يحتذى لبقية العلوم الإنسانية. وقد أثبت هذا العلم الحديث على نحو حاسم صلب «أن اللغة ظاهرة اجتماعية يتميز بها كل مجتمع إنساني، وهي ظاهرة إنسانية لا علاقة لها بالآلهة، ولم تهبط من عل، بل نشأت من أسفل، وتطورت بتطور الإنسان ذاته، ونمت بنمو حضارته»،
24
فإذا نحن سلطنا هذا الضوء العلمي الكاشف على آراء القدماء «فسنتبين سريعا وفي وضوح أن ما زعمه الزاعمون من عمل الأفراد، أو الكثرة، في تكوينها ووضعها لا يؤيده شيء من طبيعة اللغة! وسيتبين لنا كذلك بأسرع وأوضح مما سبق أن إدراك هذا الفرد الممتاز، أو الكثرة الحكيمة، لمستقبل اللغة واحتياطهم لآخر أمرها ... كل ذلك لا تحتمل تصديقه طبيعة اللغة على ما عرفها البحث الاجتماعي، فليس لوضع الواضع الأول، بحكمته وحسن تأتيه - أو بغير ذلك - وجود ولا سند ... لأن اللغة ليست إلا نشاطا اجتماعيا، لا اجتهادا عقليا وتدبيرا منطقيا ... وإذا ما استقرت هذه الحقيقة من خصائص اللغة بما هي نظام اجتماعي، اتضح لنا أن اللغات الصناعية المبنية على خطة منطقية قد وضعت مقدما غير ممكنة الوقوع إلا إذا كانت لغات خاصة: لغات فنية (تكنيكية) ولوائح إعلانات، ففي هذه الحال يكفي الاتفاق بين الأشخاص المعدودين الذين يستعملونها للاحتفاظ بها كما خلقت دون تغيير.»
25
Página desconocida