حرف وهو الجانب والطرف الذي لا يستقر من هو عليه، بل لا يثبت على الإيمان إلا عند وجود ما يهواه من خير الدنيا.
فقال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ ١. قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ ٢. وقال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ ٣. وأخبر سبحانه أنه عند وجود المرتدين فلا بد من وجود المحبين المحبوبين المجاهدين. فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ ٤. وهؤلاء هم الشاكرون لنعمة الإيمان الصابرون على الامتحان كما قال تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ ٥ إلى قوله ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ . فإذا أنعم الله على الإنسان بالصبر والشكر كان جميع ما يقضي له من القضاء خيرا له كما قال النبي ﷺ: "لا يقضي الله للمؤمن من قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له" ٦. والصبار الشكور هو المؤمن الذي ذكر الله في غير موضع من كتابه، ومن لم ينعم الله عليه بالصبر والشكر فهو بشر حال؛ وكل واحد من السراء والضراء في حقه يفضي به إلى قبيح المآل. فكيف إذا كان ذلك في الأمور العظيمة التي هي من محن الأنبياء والصديقين؟
_________
١ سورة الحج آية: ١١.
٢ سورة آل عمران آية: ١٤٢.
٣ سورة محمد آية: ٣١.
٤ سورة المائدة آية: ٥٤.
٥ سورة آل عمران آية: ١٤٤.
٦ مسلم: الزهد والرقائق (٢٩٩٩)، وأحمد (٦/١٥)، والدارمي: الرقاق (٢٧٧٧) .
1 / 327