ومن سلب ثوب ايمانه واتهم في نبيّ زمانه فحق له البكاء فقد بطل وجوده ورب السماء فيعيش بين الورى كما قال تعالى لا يموت فيها ولا يحيا فالنعمة نعمة الدين والدولة للمسلمين والعاقبة للمتقين قال مالك بن برهة بن نهشل المجاشعي سيد وفد بني تميم: يا رسول الله ألست أشرف قومي فقال ان كان لك عقل فلك فضل وان كان لك خلق فلك مروءة وان كان لك دين فلك شرف وان كان لك مال فلك حسب والا فأنت والحمار سواء فالمعاصي في جنب التوحيد تتلاشى وكل الصيد في جوف الفرا هذا وقد علم كل عاقل منصف وفاضل متصف ان الدنيا دار قلعة والحال حال خدعة والعمر كما ترى مار بسرعة فالدنيا حلم والآخرة يقظة والمتوسط بينهما الموت ونحن في أضغاث أحلام فما هي لعمر الله الا أنفاس معدودة وآجال محدودة وآمال ممدودة فكل نفس خطوة وكل خطوة ميل وكل شهر منزلة فرسخ وكل سنة منزلة فاذا بلغ الأجل فقد بلغ المنزل فاذا خطيب ينادي:
فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عينا بالاياب المسافر
فالعاقل يأخذ من نفسه لنفسه ويقيس يومه بأمسه فان مدة العمر قليلة وصحة الجسم مستحيلة والدهر خائن والمرء لا
1 / 13