Introducción Grande

Abu Ma'shar Balkhi d. 273 AH
42

Introducción Grande

Géneros

الصنف الرابع وأما الصنف الرابع ممن رد دلالات الكواكب فهم قوم نظروا في علم الكل أعني في علم الأفلاك وحالاتها فقالوا إن الكواكب لا دلالة لها على الأشياء التي تكون وتحدث في هذا العالم من أشخاص الحيوان والنبات والمعادن وإنما دلالتها على تغيير الأزمنة فقط ولم يقدر هؤلاء القوم الذين نظروا في علم الكل أن يجحدوا هذا القدر من قوة فعل الكواكب لأن هذا من فعلها موجود ظاهر ودفعه بهت مكشوف على أنه لم يدفع علم الأحكام وثبت دلالة الكواكب على تغيير الأزمنة إلا من كان قليل المعرفة بطبائع الأشياء وبما يتولد من انتقال بعضها إلى بعض لأن العالم بما ذكرنا يعلم أن تغيير الطبائع واختلاف حالاتها إنما يكون بتغيير الأزمنة وتغيير الأزمنة إنما يكون بقوة حركة الكواكب والأشياء التي تحدث في هذا العالم إنما هي بتغيير الطبائع وبانتقال الأزمنة من حال إلى حال آخر فالكواكب إذا بقوة حركاتها وبتغييرها للأزمنة ونقل بعضها إلى بعض فذلك على ما يحدث في هذا العالم

وقد زعمت كل الفلاسفة أن للكواكب دلالات على الأشياء الكائنة في هذا العالم وكانت كلها تستعمل هذا النوع الثاني من علم النجوم في كل شيء من حالاتهم وحركاتهم من أمور الدينية والدنياوية وذلك ظاهر من أفاعيلهم عند من عرف مذهبهم وإنما فعلوا ذلك لأنها أعلى الأجسام وأشرفها وهو غير مشكوك فيه عند الفلاسفة أنه بقوة حركاتها يكون الكون والفساد في هذا العالم بإذن الله ويقولون إن الواجب على من نظر في النوع الأول من علم النجوم أن ينظر بعده في النوع الثاني منه لأنهما علمان متصلان بعضها ببعض أحدهما بالآخر والعلم الثاني ثمرة العلم الأول لأن العالم إذا عرف كيفية حركات الأفلاك والكواكب وكميتها فإنما ثمرة ذلك أن يعرف ما تدل عليه قوى تلك الحركات والحالات على الأشياء الكائنة في هذا العالم وإذا لم يعلم ما تدل عليه الكواكب بحركاتها فلا ثمرة إذا للنوع الأول من علم النجوم وما حال هؤلاء القوم الذين نظروا في العلم الأول ولم يعرفوا هذا العلم المتصل به إلا كحال القوم الذين يكون عندهم العقاقير والأدوية المعجونة وهم لا يعرفون كيف يستعملونها ولا لأي شيء تصلح تلك العقاقير والأدوية من العلاجات ودفع الأمراض

فكذلك هؤلاء أيضا يعرفون حالات الكواكب ومواضعها من البروج فلا يعلمون على أي شيء يدل كل كوكب في برجه وفي حاله وما أتى هؤلاء في دفعهم هذا النوع الثاني من علم النجوم إلا أنهم قوم لا يستعملون أنفسهم فيه فدفعوه لأنهم إذا أثبتوه عابهم الناس بتركهم معرفته ويقال لهم إن نوعين من العلم أحدهما متصل بالآخر يحسنون أحدهما ولا يحسنون الآخر

Página 126