وهذه التي ذكرنا من تذكير الكواكب وتأنيثها هي الأشياء التي تنسب إليها الكواكب إلا أنها ربما اختلفت حالاتها فدلت الذكورة على التأنيث والإناث على التذكير لاختلاف حالاتهما وذلك لأن الكواكب المشرقة الظاهرة وهي التي تطلع قبل الشمس دالة على التذكير والمغر بة وهي التي تغيب بعد الشمس دالة على التأنيث وإذا كانت الكواكب من الطالع إلى وسط السماء أو من الغارب إلى وتد الأرض في هذين الربعين الشرقيين دللن على التذكير وفي الربعين الباقيين الغربيين يدللن على التأنيث وقد يختلف حالاتها في التذكير والتأنيث في مواضعها من البروج وبيوت الفلك وسنذكرها فيما يستقبل الفصل التاسع في الكواكب النهارية والليلية
إن من الكواكب نهارية ومنها ليلية وإنما جعلوا لها هذه الدلالات لأنهم نظروا إلى الكواكب التي تكون طبيعتها بالنهار أعدل منها بالليل فجعلوها نهارية والكواكب التي تكون طبيعتها بالليل أعدل منها بالنهار فجعلوها ليلية
وأما زحل فقد ذكرنا أن طبيعته معتدل بالنهار فهو نهاري وأما المشتري فلاعتدال طبيعته صار نهاريا وذلك لأن النهار أعدل من الليل وأما المريخ فإن طبيعته حارة يابسة مفرطة وإنما يعتدل إفراط حرارته ويبسه بالليل لبرد الليل ورطو بته فالمريخ ليلي وأما الشمس فإنها كوكب نهاري وأما الزهرة فإنها كوكب فيه رطوبة وطبيعة الرطوبة موافقة لطبيعة الليل فالزهرة ليلية وإذا كانت مغر بة فإنها تكون أقوى دلالة وأظهر سعادة لأن طبيعة التغريب مشاكل لطبيعة الليل والتأنيث وإن كانت مشرقة وكانت بالنهار فوق الأرض في البروج الذكورة نقص من سعادتها واعتدالها لأنها تميل إلى طبيعة الكواكب النهارية وإلى التذكير بعض الميل
وأما عطارد فإن اليبس عليه أغلب واليبس مجانس للحرارة والنهار حار فعطارد إذا انفرد وحده كانت دلالته النهارية عليه أغلب وهو إذا شرق كان نهاريا وإذا غرب كان ليليا ويكون عند التغريب أظهر فعلا وأقوى منه عند التشريق لأنه عند التغريب يكون مستقيما وفي أول التشريق يكون راجعا وهو يمازج الكواكب النهارية والليلية وينتقل إلى طبيعتها إذا قارنها أو اتصل بها وأما القمر فإنه نير الليل وفيه رطوبة وهو ليلي بهاتين العلتين وأما الرأس فإنه نهاري وأما الذنب فإنه ليلي وكذلك رؤوس جوزهرات الكواكب وأذنابها
Página 430