124

عزيزي سير هرولد: أنا لا أدري كيف أبدأ فأكتب أفكاري الذاتية إليكم، في الموضوع التالي الذي يهم كل مسلم ومسلمة على وجه الأرض، ويهمني ويشغلني معهم وزيادة عليهم، لأنه موضوع يتعلق بوطني المقدس ووطن أجدادي إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام. حيث قد شاع لدى الرأي العام أن امتيازات للبحث عن البترول والتبر قد أعطيت لشركات أميركية في الحجاز، بمهد الذهب، وهو محل يقع في الوسط شرقي المدينتين القدسيتين مكة المكرمة والمدينة المنورة. وقد أوجدت هنالك محلات للسكن ومراكز للأشغال ربطت بالساحل في البحر الأحمر، وإنه علاوة على ذلك قد أسس مخيم لشركة أميركية لتشغيل الذهب والنفط غربي جبل رضوى على طريق ينبع البحر - المدينة المنورة، ومخيم آخر بموقع بريمان شرقي جدة وشمال طريق جدة - مكة المكرمة تعمل على ما يقال طريقا معبدة إلى منطقة غامد وزهران بالحجاز إلى جنوب الطائف.

ومن المعلوم أن المنطقة من مدينة صالح إلى حدود اليمن بما فيها متصرفية عسير، من الشمال إلى الجنوب إلى حدود إمارة حايل وهي شرقي تيما وشرقي الحناكية في خط يمتد فيدخل حرة كشب، إلى شفا نجد فيترك للحجاز وادي الخرمة وتربة ووادي بيشة من ناحية الشرق، ثم ما يصاقب هذا الحد من مداين صالح فحدود اليمن من ساحل البحر، هي منطقة مقدسة لا تفتح لعمل ما ولا لقصد ما غير أعمال التعبد للمسلمين، من حج وعمرة وزيارة. فهي بلاد الهدوء والسكينة وطرح الأوزار والتفرغ لعبادة الله وأداء الواجب، وقد بقيت هكذا في العصور الإسلامية بأجمعها.

وإنني أقول إذا كان جلالة الملك ابن سعود قد احتلها ونزل بها، فليس لجلالته أن يخل بقدسيتها أو يغير طقوسها ويدخل إلى ساحة قدسيتها عمالا يعملون لدنياهم، فيغيرون أخلاق سكانها ويصرفونهم عن وظيفة المجاورة للبلدين القدسيين، فتصبح مجالا لأعمال الدنيا التي تقلق راحة الذين يؤمونها من أقطار العالم لطرح الأوزار ونسيان الدنيا والخروج بالتوبة من الآثام.

أكتب هذا إليكم كمسلم وكأمير هاشمي، يقول هذا هو الحق الذي أرجو رفعه لرئيس الوزارة البريطانية الأفخم، ليعلم ما يهم أهل الإسلام في محل عباداتهم وقبلتهم وقبر رسولهم؛ وبعلمه لما قلت لا شك أنه سيعمل على اجتناب ما فيه قلق العالم الإسلامي من ناحية رقيقة دقيقة.

أما جلالة ملك نجد فربما لم يبلغ علمه ما أعرف، حيث هو جديد فيما هو فيه؛ وإنه وإن كان الأمين اليوم على الحرمين فليس له أن يتصرف فيهما وضمن حدودهما بما يخل بقدسيتهما المحضة القديمة.

راجيا وزن أفكاري بميزان بريء من كل قصد غير الحقيقة، وعرضه بأسرع الوسائل حسبما ذكرت.

إن الموضوع لمهم، وإنه متى انتهت الحرب وعاد العالم إلى السلام فرأى وسمع، فسيكون لهذه الأمور المخيفة الآن ضجتها المزعجة في العالم الإسلامي غدا، وبالخاصة في الهند. وإن ما أكتبه لهو مبني على حسن النية والإخلاص للمسلمين وللدولة البريطانية - التي لديها منهم العدد الوافر - وللملك ابن سعود نفسه، وقد كتبت إليه عن الموضوع ما يجب.

وتقبلوا شعوري الودي عزيزي.

12 ربيع الثاني 1363 الموافق 5 نيسان 1944

ونستون تشرشل وبريطانيا العظمى والعرب

Página desconocida