كان وجهها صامتا باردا كتمثال من الجرانيت، وكان صدرها هامدا لا يعلو ولا يهبط كصندوق من الخشب!
ماذا حدث؟
لقد كانت منذ لحظات تتكلم وتتحرك وتتنفس؟
وأسرعت أستنجد بكل ما يعرفه الطب لانتشال حياة الإنسان من براثن الفناء.
حقنت في وريدها المحاليل والمنبهات، دفعت إلى أنفها الهواء والأكسجين، استعنت بالتنفس الصناعي لأحرك رئتيها، غرست في قلبها إبرة طويلة ليتحرك، فتحت صدرها وأخذت أدلك القلب لتعود إليه الحياة، نفخت في فمها ولطمتها على وجهها لتحس؛ كل شيء عاجز، عاجز عن أن يجعل هذا الجفن الصغير المغمض يرتفع عن العين مرة واحدة ... واحدة فقط.
وتأملت المولود الصغير وهو يرفس بقدميه بين يدي الممرضة ويبكي ويصرخ.
أليس هذا عجيبا؟ عجيبا جدا؟ أن تخرج هذه القطعة الإنسانية الحية من هذا الجسد الميت الجامد الراقد على هذه المنضدة المعدنية الباردة؟!
وأمسكت رأسي بيدي، وتهاويت على مقعد بجواري.
لماذا يعجز العلم؛ ذلك الإله الجبار الذي حنيت له رأسي؟ لماذا يعجز عن أن يفسر لي كيف تفسد صمامات القلب بفعل الروماتزم؟
كيف توقف قلب المرأة الشابة إلى الأبد؟ كيف ولد طفل حي من جسد امرأة تموت؟ كيف تدب تلك الشرارة الصغيرة من الحياة في المادة الميتة؟ كيف تندلع الحياة وكيف تنطفئ؟ من أي عالم يخرج الإنسان؟ وإلى أي عالم يذهب؟!
Página desconocida