Mis Memorias 1889-1951
مذكراتي ١٨٨٩–١٩٥١
Géneros
ولم ندخل في البيان شيئا عن الاشتراك في الحكم، على أنه في صدد أحاديث الصلح كان الاتفاق على ألا يدخل الحزب الوطني الحكم منفردا أو مشتركا إلا إذا كان برنامج الوزارة لا يتعارض مع مبادئه، وأن الأمر في هذا الصدد يكون موكولا للجنة الإدارية، واتفقنا على أن تكون اللجنة الإدارية مؤلفة من فريقي اللجنة ومن انضموا إلى كل منهما أثناء الخلاف.
وقد حدث مع الأسف صدع جديد في الحزب سنة 1950 أرجو أن يتلافاه وسطاء الخير ويعيدوا إلى الحزب وحدته. (13) إذاعاتي بالراديو (1940-1951)
كانت أول إذاعة لي بالراديو في الساعة الثامنة من مساء يوم السبت 10 فبراير سنة 1940، وكان حديثي عن ذكرى مصطفى كامل لمناسبة مرور اثنين وثلاثين عاما على وفاته. وقد فكرت في أن أجعل كلمتي عن ذكرى الزعيم عن طريق الراديو بدلا من الصحف أو الخطب في المحافل، ورأيت في ذلك تنويعا في أساليب الحديث عن الذكرى، وقد رأيت في هذه الوسيلة تعميما للحديث؛ فإن الذين يحبون أن يستمعوا إلى الراديو أكثر ممن يحبون القراءة في الصحف أو المجلات، وهم من باب أولى أكثر عددا ممن يسمعون الخطيب في اجتماع مهما كان كبيرا (إلا إذا أذيع بالراديو).
ومما أذكره عن أول إذاعة لي أني قبل موعدها بشهر تقريبا كتبت إلى وزارة الشئون الاجتماعية (التي كانت تتبعها الإذاعة) خطابا بإبداء رغبتي في إلقاء حديث عن «مصطفى كامل» لمناسبة ذكرى وفاته، فرحبت الوزارة بطلبي، واتفقت مع دار الإذاعة (وكانت لا تزال شركة بريطانية) على تحديد الموعد الذي طلبته لإذاعة حديثي، وقبل الموعد بأسبوع جاءني خطاب من مراقب عام الإذاعة يدعوني فيه إلى الحضور إلى دار الإذاعة في الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الجمعة 9 فبراير «للتمرن على الميكروفون»، فاستغربت من هذا الخطاب، وابتسمت وأنا أقرؤه وقلت: يا عجبا! هل يكون الكلام في الميكروفون أصعب من المرافعات أمام المحاكم أو الخطب في المحافل؟ وعلى كل حال فقد لبيت الطلب، وذهبت إلى دار الإذاعة في الموعد المحدد «للتمرين»، وقابلت سعيد بك لطفي «باشا» وهو صديقي وزميل لي، وقلت له مبتسما: ها أنا ذا قد حضرت لأداء الامتحان، فضحك وقال: لا تعجب لذلك؛ فإن الكلام في الراديو غير الكلام في المحافل أو المحاكم؛ إننا نريد أن يكون حديثك ناجحا، خصوصا وهذا أول حديث لك في الراديو، فلا بد أن تعرف طريقة الكلام في الراديو ودرجة علو الصوت أثناء إلقاء الحديث، والمسافة التي يحسن أن تكون بينك وبين الميكروفون، وما إلى ذلك من الملاحظات الفنية، فقلت: حسن، وأنا مرتاح لأداء الامتحان. فدخلت مع الموظف المختص إلى غرفة الميكروفون، وهي غرفة ضيقة مقفلة الأبواب والنوافذ، وأشار علي بأن يكون صوتي هادئا لا عاليا ولا متهدجا، وأبدى لي بعض الملاحظات الفنية، وكان الحديث مكتوبا ووافقت عليه الإذاعة من قبل، فجلست أمام الميكروفون في الموضع الذي عينه لي المذيع، وأخذت في إلقاء الحديث، وأخذ هو يسمعه وحده من سماعة وضعها على أذنيه، فبدا لي وهو يسمعه أنه مرتاح لطريقة إلقائي، وبعد أن ألقيت ربعه أو ثلثه قال لي: كفى يا بك، إنك تلقي حديثك بأبدع ما يمكن، فقلت: الحمد لله، لقد نجحت في الامتحان ...
وفي اليوم المحدد لإلقائه ألقيته على الطريقة التي أديتها يوم الامتحان، واستمع له الناس في مختلف المدن والمقاهي والمنازل، وسمعت إعجابا به من كل ناحية، وقال لي بعض أصدقائي الفنيين إنك في الميكروفون أخطب منك في المحافل، وقال لي بهذه المناسبة إنه قد يكون الإنسان من أعظم الخطباء ولكن صوته في الراديو لا يكون مرغوبا فيه، والعكس بالعكس، وإن صوتك وطريقة إلقائك منسجمان تماما مع الراديو. وقد لاحظت أن الإذاعة بالراديو أعم من الكتابة في الصحف ومن الخطابة في المحافل (إلا إذا أذيعت الخطابة بالراديو)؛ وهذا ما دعاني إلى أن أتابع أحاديثي في الراديو، فأخذت منذ ذلك العام أذيع كل سنة حديثين: الأول في 10 فبراير عن ذكرى وفاة مصطفى كامل، والثاني في 15 نوفمبر عن ذكرى محمد فريد، عدا ما تطلبه الإذاعة من أحاديث في مواضيع أخرى.
ومن أهم الأحاديث التي طلبتها مني وأذعتها عدة أحاديث عن السودان سنة 1947، وقد أذعت حديثي الأول في هذا الموضوع يوم 8 مارس سنة 1947 عن «وحدة وادي النيل: تكييفها وما هو الغرض منها»، والثاني يوم 15 منه عن «الدعوة الانفصالية في السودان فكرة استعمارية»، والثالث يوم 22 منه عن «الاستفتاء وتقرير مصير السودان»، والرابع يوم 29 منه عن «خدعة الحكم الذاتي في السودان»، والخامس يوم 5 أبريل عن «النظام الحاضر في السودان»، وقد نشرت هذه الأحاديث في مجلة الإذاعة المصرية عقب إذاعتها. (14) مباراة مصطفى كامل الأدبية (1941)
في سنة 1940 فكرنا في عمل تقترن فيه الدعوة الوطنية بالنهضة الثقافية لاعتقادنا أن الوعي القومي يساعد على الإيمان بهذه الدعوة، وهي فكرة سار عليها الحزب الوطني منذ تكوينه، وكان من آثارها نشره الصحف والمؤلفات والمجلات وإنشاؤه مدارس الشعب وما إلى ذلك.
مباراة مصطفى كامل الأدبية سنة 1941:
من اليمين إلى اليسار: عبد الرحمن عزام باشا، الدكتور يحيى أحمد الدرديري، عبد الرحمن فهمي بك، عبد القوي أحمد باشا، علي ماهر باشا، عبد الرحمن الرافعي بك، صالح حرب باشا، وفي مواجهتهم: أنطون الجميل باشا، الأستاذ حسين محمود سعيد، مصطفى الشوربجي بك، محمود توفيق حفناوي باشا، فكري أباظة باشا.
فلما أزيح الستار عن تمثال مصطفى كامل في مايو سنة 1940، اجتمعت مع إخواني أعضاء اللجنة الإدارية للحزب وقررنا فيما قررنا الدعوة إلى مسابقة تسمى «مباراة مصطفى كامل الأدبية»، يشترك فيها شباب الجيل، وموضوعها كتابة بحث عن «جهود مصطفى كامل في نواحي النشاط الإنشائي القومي وبخاصة في التعليم والاقتصاد والاجتماع وعلاقة ذلك بدعوته الوطنية»، وتبرع صديقي وزميلي محمد محمود جلال بك بمبلغ خمسين جنيها تعطى مكافأة لمن يحوزون قصب السبق في هذه المباراة. وكانت شروط المباراة: (1) أن يكون المشترك فيها شابا مصريا لا تزيد سنه عن ثلاثين سنة. (2) ألا تزيد الكتابة في موضوع المباراة عن عشر صحائف من القطع الكبير. (3) أن تقدم المواضيع إلى لجنة المباراة التي ألفت من: أنطون الجميل بك «باشا»، عبد الرحمن الرافعي بك، فكري أباظة بك «باشا»، الأستاذ محمود العمري، في مدة ثلاثة أشهر من تاريخ الإعلان عن المباراة.
Página desconocida