Mis Memorias 1889-1951
مذكراتي ١٨٨٩–١٩٥١
Géneros
وقد أدت هذه الجمعيات خدمات جليلة لصغار المستهلكين، وانخفضت بفضلها أسعار الحاجات والأصناف الضرورية، فكانت من خير الوسائل لمكافحة الغلاء. (3) لجنة لتوزيع أسهم بنك مصر
وفي أواخر سنة 1921 أسست في المنصورة أيضا لجنة لتوزيع أسهم بنك مصر في الدقهلية، جعلت اسمها «لجنة الدقهلية للاكتتاب في أسهم بنك مصر» كانت بمثابة دعاية للاكتتاب في أسهم البنك. وكان المرحوم طلعت حرب بك «باشا» يرسل إلي خطابات بإيصالات سداد مبالغ الاكتتاب، وأغلب هذه الخطابات في سنة 1921 وسنة 1922، كان ذلك سنة 1921 حيث كان البنك في حاجة إلى مثل هذه الدعاية، أما الآن فهو والحمد لله في غير حاجة إليها ولا إلى مثلها بعد أن أصبح النواة المالية لنهضة مصر الاقتصادية.
وكتبت عدة مقالات في «الأخبار» تحت عنوان: «بنك مصر وبنوك بولونيا»
2
جعلتها بمثابة دعوة للإقبال على أسهم البنك. (4) ظهور كتابي في الجمعيات الوطنية (سنة 1922)
إن حوادث سنة 1919 وسنة 1920، والتواء السياسة الإنجليزية تجاه مصر، وتصريحات أقطابها ومناوراتهم ودسائسهم، ودراستي السابقة للمسألة المصرية، كل أولئك قد أقنعني بأنه لا يزال أمام مصر نضال طويل لتحقيق أهدافها، وأن ما كان يظنه البعض من أن حل القضية المصرية على أساس سليم أمر قريب المنال إنما هو وهم من الأوهام، وأن معنويات الأمة في حاجة إلى أن يلم المشتغلون بالحركة الوطنية أو من يودون الاشتغال بها بجهاد الأمم في سبيل حريتها واستقلالها. فاتجهت في سنة 1921 إلى عرض صفحات من هذا الجهاد على أنظار المواطنين، وإبراز ما تحتويه من مثابرة وثبات وصدق وإخلاص، ليترسموا الخطوات الصحيحة للجهاد الصحيح. نشرت هذه المقالات تباعا في صحيفة «الأخبار»، ثم جمعتها في كتاب واحد عنوانه: «الجمعيات الوطنية، صحيفة من تاريخ النهضات القومية» دعوت الأمة فيه إلى التمسك بأهداب المقاومة الوطنية وتدعيمها بالإخلاص وإنكار الذات، قلت في هذا الصدد في مقدمة الكتاب: «إن الأمم تختلف في وسائل جهادها وطرائقه باختلاف أحوالها وظروفها وميراثها القومي. على أن هناك حقيقة ثابتة لا تتبدل ولا تتغير، وهي أن قوام الجهاد الصحيح المثمر في كل أمة هو تنظيم المقاومة الوطنية المرتكزة على إرادة الشعب وقوته القائمة على مبدأ الإخلاص وإنكار الذات.
هذا هو الأساس الثابت الذي تبنى عليه النهضات القومية، هذه هي الدعامة التي ترتكز عليها حياة الأمم العاملة لاستقلالها، هذه هي السبيل التي تكفل للأمم تحقيق آمالها ولو بعد حين.
وما من أمة تتنكب هذه السبيل وتستسلم للأماني والأحلام أو تسير وراء الأهواء وتتراخى في خطة المقاومة الوطنية إلا وتصاب حركتها بالشلل فتصبح حركة عرجاء تتعثر في سيرها ولا تلبث أن ترجع بها إلى الوراء، وفي هذا الرجوع هدم لصرح الوطنية وتقويض لبناء الجهاد الوطني الذي أسس على مجهودات الأمة ومتاعبها وأحزانها وآلامها وضحاياها.
إن سياسة المقاومة الوطنية هي سياج الأمم المهضومة الحقوق وسبيلها لاستقلالها ؛ فهي مناط الفضائل ومصدر الأخلاق، وقوام الشجاعة والنبل، هي روح الاتحاد الوطني ، هي كلمة الأمة التي تجمعها وتحث أبناءها على العمل، هي الوقاية الكبرى من انحلال العزائم وفتور الهمم وفساد النفوس وتفرق الكلمة، هي المدرسة الكبرى التي يكتسب فيها أبناء البلاد فضائل الإخلاص والصدق والمثابرة وإنكار الذات وتذليل العقبات، هي مصدر القوى المعنوية للشعب، هي عماد نهضة الأمم وقوام تربيتها السياسية، فبفضلها تكونت الأمم وغالبت اليأس وقاومت عوامل الفناء وحققت آمالها ووصلت إلى أسمى درجات الرقي السياسي والأخلاقي والاجتماعي.
إن العالم لا يستقر على وتيرة واحدة، وأحواله دائمة التبدل والتحول، فلا يجوز أن نيأس من طول الجهاد أو ننثني أمام العقبات؛ فإن الإنسانية سائرة حتما نحو الكمال، والأمم لا تذعن لحكم القوة، والأرض لا يستقر فيها سلام ولا وئام حتى تشرق في أرجائها شمس الحرية وتعيش الأمم في ظل الاستقلال.
Página desconocida