أما ماذا دار بيننا من حوار العودة، فهذه هي القصة على ظهر الباخرة أثناء رحلته، وهي قصة نشرت في ذلك الحين، وكان نشرها هو الذي دفع سعد باشا إلى كتابة رسالته.
الفصل الخامس والعشرون
كان الغرض من هذا البيان هو ألا يظن الناس أنني كنت أشارك سعد باشا زغلول آراءه في إطراء نسيم باشا الذي تنازل عن حق مصر في السودان، فقد اعتبر سعد باشا أن تخلي نسيم باشا عن الحكم بعد فعلته، جعله يستحق تقدير الوطن، وكان هذا الاختلاف في وجهات النظر موضع مناقشة حادة قامت بيني وبين سعد باشا بشأن هذا الموضوع، عندما تقابلنا على باخرة واحدة في رحلة العودة من أوروبا؛ حيث كان هو إذ ذاك عائدا من منفاه.
رست الباخرة في «برنديزي»؛ حيث كنت في انتظارها للعودة إلى مصر، ولما ركبت الباخرة، علمت أن سعد باشا عائد على ظهرها من جبل طارق، فبادرت بزيارته، وهنأته على إطلاق سراحه وعودته إلى وطنه المحبوب، وبعد أن شكرني، قال وهو مطرق: غريب جدا!
قلت: وما هو الغريب؟
قال: علمت أنك تغيرت عن المبدأ وانقلبت علينا.
قلت: وما دليلكم على ذلك؟
قال: تلغرافك الذي أرسلته إلي عندما سألتك عن حالة الوفد وبيت الأمة ومصر، لما اعتقلوا أعضاء الوفد وقفلوا بيتي.
قلت: لقد سألتني وأجبتك كما أعتقد أن مصر بحالة محزنة، وبيت الأمة أقفل، وأعضاء الوفد اعتقلوا بسبب سوء تصرفهم، وما زلت أعتقد ما قلت، ومستعدة لمناقشته ولإثبات أنني على صواب.
قال مندهشا لجرأتي: كيف ذلك؟
Página desconocida