368

فتأمل جيدا.

وهاهنا : حكاية لطيفة ، والعهدة على الحاكي وهي : ان المصنف ، استشكل على التعريف التي عرفوا بها الفصاحة والبلاغة بأنى لم اجد في كلام الناس : ما يصلح لتعريفهما به ، فاعترض عليه خطيب اليمن في حال حياته : بأنه لا مدخل للرأي ، اي : رأيك ورأي غيرك ، في تفسير الألفاظ ، بل المناط في تفسيرها : هو الواقع وصحة التعريف ، سواء كان صالحا برأيك ورأي غيرك ، ام لم يكن.

فاجاب المصنف عن هذا الاعتراض : بأني لم اقل : ان تعريفات الناس غير صالح ، على رأيي او رأى غيري ، بل اقول : ان تعريفاتهم غير صالح واقعا ، حيث : لم يصنعوا فيها : ما يجب فيها من التقسيم اولا ، ثم تعريف كل قسم بما يخصه ويليق به ، حسب ما صنع ابن الحاجب في المستثنى.

ونحن في المقام ، وصنيعي في المقام ، ليس منشأه الرأي ، أي : رأيي ورأى غيري ، بل هذا مأخوذ من اطلاقاتهم ، واعتباراتهم ، التي اعتبروها هم انفسهم ، في كل قسم على حده.

فصنيعنا : مطابق للواقع ، وصالح من دون مدخلية رأي فيه ، وصنيع الناس : غير مطابق للواقع ، ولا صالح.

والى هذه الحكاية : يرمز ويشير بقوله : (فصح) اشكال المصنف وهو : (ان تفسير الفصاحة والبلاغة على هذا الوجه) الصحيح ، الذي صنعه المصنف مطابقا للواقع ، (مما لم يجده) المصنف : (في كلام) احد من (الناس). لأنهم لم يصنعوا كصنيعه ، حتى يصلح.

(لكنه)، اي : المصنف لم يصنع صنيعه بمجرد رأيه ،

Página 370