215

كل وجه.

ومنها : ان القصة الواحدة لما كررت ، كان في الفاظها في كل موضع : زيادة ونقصان ، وتقديم وتأخير ، فأتت على اسلوب غير اسلوب الاخرى ، فافاد ذلك : ظهور الأمر العجيب ، في اخراج المعنى الواحد في صور متباينة. في النظم ، وجذب النفوس الى سماعها ، لما جبلت عليه من حب التنقل في الاشياء المتجددة ، واستلذاذها بها.

فلذلك : تكررت قصة موسى (ع) في مئة وعشرين موضعا. وقصة نوح (ع) في خمس وعشرين آية ، وهكذا قصص انبياء اخر.

فان قيل : ما الحكمة في عدم تكرير قصة يوسف (ع)، دون غيرها من القصص.

قلنا : قد قالوا فيها وجوها :

منها : ان فيها تشبيب النسوة ، وحال امرأة ونسوة افتنت بأبدع الناس جمالا ، فناسب عدم تكرارها ، لما فيه من الاغضاء والستر.

ولذلك : ورد النهى عن تعليم النساء : (سورة يوسف).

ومنها : انها تتضمن حصول الفرج بعد الشدة ، بخلاف غيرها من القصص ، فان مآلها الى الوبال : كقصة ابليس ، وقوم نوح ، وبعض الأقوام الاخر.

فلما اختصت قصة يوسف بهذه الخصوصية ، اتفقت الدواعي على نقلها لخروجها بهذه الخصوصية عن سائر القصص ، فلا حاجة الى تكرارها.

وقال بعض المحققين : انما كرر الله قصص الأنبياء دون هذه القصة : اشارة الى عجز العرب ، كأنه قيل لهم : ان كان هذه القصص من عند غير الله ، فافعلوا في قصة يوسف ، ما فعل في سائر القصص من

Página 217