204

في قوله تعالى : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن ) تعظيما لاعجازه لان للهيئة الاجتماعية من (القوة) ما ليس للافراد.

فاذا فرض اجتماع الثقلين فيه ، وظاهر بعضهم بعضا ، وعجزوا عن المعارضة ، كان الفريق الواحد اعجز.

وقال بعض آخر : بل وقع للجن أيضا والملائكة منويون في الآية ، لانهم لا يقدرون ايضا على الاتيان بمثل القرآن.

وقال بعض آخر : انما اقتصر في الآية على ذكر الثقلين ، لأنه (ص) كان مبعوثا اليهما ، دون الملائكة.

وان سأل سائل : هل كان غير القرآن من كلامه تعالى معجزا ، كالتوراة والانجيل ، ونحوهما؟

قلنا : ليس شيء من ذلك بمعجز في النظم والتأليف وان كان معجزا كالقرآن ، فيما يتضمن من الأخبار بالغيوب.

وذلك : لأن الله تعالى ، لم يصفه بما وصف به القرآن.

ولأنه : لم يقع التحدي به ، كما وقع بالقرآن.

ولأن ذلك اللسان ، لا يتأتى فيه من وجوه الفصاحة ، ما يقع به التفاضل الذي ينتهي الى حد الاعجاز.

قال ابن جني في قوله تعالى : ( قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى ): ان العدول عن قوله : «واما ان نلقى» لفرضين :

احدهما : لفظى ، وهو المزاوجة لرؤوس الآي.

والآخر : معنوي ، وهو انه تعالى ، اراد ان يخبر عن قوة (نفس السحرة) واستطالتهم على موسى ، فجاء عنهم بلفظ اتم ، واوفى

Página 206