208

Muctasar Min Mukhtasar

المعتصر من المختصر من مشكل الآثار

Editorial

(عالم الكتب - بيروت)،(مكتبة المتنبي - القاهرة)

Ubicación del editor

(مكتبة سعد الدين - دمشق)

العليا فهو في سبيل الله". ففيه أن المقاتل لا يستحق الشهادة بقتاله حتى يكون معه من نيته أن تكون كلمة الله تعالى أعلى كما ذكر في الحديث وقد شد ذلك قوله: "إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى" وروى عن النبي ﷺ أنه قال: "من سأل الله ﷿ الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" ففيه أن الشهادة تكون لمن يتمناها من قلبه وإن لم يصبه القتل فكذا ما ذكر من الشهداء بغير قتل إنما هو فيمن كان له نية الشهادة أو بذل الروح في الطاعة لا فيمن سواهم.
في الاشتغال بالحرث عن الجهاد روى عن أبي أمامة الباهلي أنه رأى سكة أو شيئا من آلة الحرث فقال سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ما دخلت هذه بيت قوم إلا أدخله الله الذل" يعني من اشتغل بالحرث عن الجهاد عاد مطلوبا بما كان به طالبا لأن ما يطلبه ولاة المسلمين من العشر والخراج فالمسلمون هم الطالبون فهذا وجه الذل الداخل على الحارث وقال ﵇: "جعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالفني ومن تشبه بقوم فهو منهم".
في الجهاد في الأبوين يروي عمرو بن العاص أن رجلا أتى النبي ﷺ فقال: إني أريد الجهاد فقال: "أحي أبواك؟ " فقال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد" إنما أمره رسول الله ﷺ بترك الجهاد ولزوم أبويه مع الوعيد على تركه بقوله: ﴿إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ لأنه فرض كفاية بخلاف الحج فإنه فرض عين وبر الوالدين فرض عين فإذا بر والديه سقط الفرضان أحدهما بفعله والآخر بفعل غيره ومنه ما روى عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: إني جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان فقال رسول الله ﷺ: "لا أبايعك حتى ترجع إليهما فتضحكهما كما أبكيتهما" ولا فرق بين الأبوين وبين أحدهما لما روى أن رجلا جاء إلى النبي ﷺ فقال: إني جئتك أبايعك على الهجرة فقال رسول الله ﷺ: "ألك أب أو أم؟ " قال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد". وروى أن رجلا أتاه فقال: إني أردت أن أغزو وقد جئتك استشيرك فقال: "هل لك من أم؟ " فقال: نعم، فقال ﷺ: "فالزمها فإن الجنة تحت رجليها".

1 / 205