ولا حجة لهم في هذه الآثار على عدم وجوب الفدية على القارن لأنه يحتمل أن يكون السائل غير قارن فيكون الذبح عليه غير واجب فيكون ما فعل من ذلك قد فعله ولا شيء يمنعه منه وإن كان قارنا فنفى الحرج والإثم عنه إذا لم يشعر لا يستلزم نفي الفدية كما لم يستلزم نفي الحرج في حديث أسامة نفي إعادة السعي الواقع قبل الطواف ويؤديه قول ابن عباس فيما روى مجاهد عنه من قدم شيئا من حجه أو أخر فليرق دما وهو أحد من روى ذلك فدل أنه لا منافاة بين وجوب الفدية ورفع الحرج.
في المحصر
عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأسلمي قال سمعت النبي ﷺ يقول: "من كسرا وعرج فقد حل وعليه حجة أخرى" قال فحدثت بذلك ابن عباس وأبا هريرة فقالا: صدق قوله: "فقد حل" أي له أن يحل بما يحل به مما هو فيه من الإحرام كما يقال للمطلقة بعد انقضاء عدتها حلت للأزواج أي بتزويج يستأنف عليهابطريقه حتى تصير حلالا وكذا قوله تعالى: ﴿فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ﴾ فإنها بنكاح الزوج الثاني لا تعود حلالا للأول ولكنها تعود إلى حال يحل استئناف النكاح عليها بطريقه فمن كسر أو عرج لم يخرج عن إحرامه ولكنه سبب حل له به أن يفعل فعلا يخرج به من إحرامه بأن يبعث هديا إلى مكة فإذا نحر الهدى حل على ما روى أن رجلا من النخع أهل بعمرة فلدغ فبينما هو صريع في الطريق إذ طلع عليهم ركب فيهم ابن مسعود فسألوه فقال: ابعثوا بالهدى واجعلوا بينكم وبينه إمارة فإذا كان ذلك فليحل فقد عاد بما ذكرنا هذا الحديث إلى أن لا استحالة فيه.
وروى عن ابن عباس قال: جاءت ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله إني امرأة ثقيلة وإني أريد الحج فكيف تأمرني أن أهل؟ قال: "أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني" فأدركت الحج، وخرجه من طرق كثيرة قد ذكرنا فيما تقدم أن قوله: فقد حل له أن يحل من غير