كما كان كفار بني آدم يحجون حتى نسخ بقوله تعالى: ﴿فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ فأنذروا في الحجة التي حجها أبو بكر وأما أمره ﷺ بالارتفاع عن محسر وهو من المزدلفة فذلم بمعنى آخر يحتمل أن يكون لخروجه من مشاعر إبراهيم فأمر الناس بالرفع عنه وبالرجوع إلى مشاعر إبراهيم والله أعلم بمراد رسول الله ﷺ.
في الإفاضة من عرفات
روى جابر بن عبد الله أن النبي ﷺ لما صلى الصبح يوم عرفة بمنى مكث قليلا حتى طلعت الشمس فركب وأمر بقبة من شعر فنصبت له بنمرة فسار ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فركب حتى أتى بطن الوادي فخطب الناس فيه أن قريشا كان موقفهم يوم عرفة خلاف الموقف الذي يقف فيه الناس اليوم وذلك لأن عرفة ليست من الحرام وقريش لا تجاوز الحرم ولا تقف لحجها في يوم عرفة إلا في موضع الحرم وكان ذلك هو المزدلفة وروى عن محمد بن جبير عن أبيه قال ذهبت اطلب بعير إلى يوم عرفة فخرجت فإذا النبي ﷺ واقف بعرفة مع الناس فقلت إن هذا من الحمس فما له خرج من الحرم وكانت قريش تقف بالمزدلفة.
وروى عن عائشة كانت قريش تقف بالمزدلفة ويسمون الحمس وسائر العرب تقف بعرفة فأمر الله ﷿ نبيه ﷺ أن يقف بعرفة ثم يدفع منها وأنزل عليه ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ ففيه دليل على أن النبي ﷺ قد كان في الجاهلية لتوفيق الله إياه يقف يوم عرفة حيث يقف الناس سوى قريش وفي الآية دليل على أن الإفاضة من ذلك المكان وقد كان منهم قبلها وقوف فيه وقد روى عن يزيد بن سنان