والقرآن، والحديث والعربية، وكان سيد أهل عصره في مصره وغير مصره، وقرأ على الاجلاء واعتاد على مجالسة الرؤساء والفضلاء (١) تصدر «أبو بكر الأذفوي» لتعليم القرآن الكريم وحروفه واشتهر بالثقة والضبط وحسن الإتقان وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: «روى عن أبي بكر الأذفوي القراءة «محمد بن الحسين بن النعمان، والحسن بن سليمان، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، وابنه أبو القاسم أحمد بن أبي بكر الأذفوي، وعتبة بن عبد الملك وأبو الفضل الخزاعي» (٢).
ومع أن «أبا بكر الأذفوي» كان من العلماء الأجلاء ومن الذين تصدوا لتعليم القرآن والتصنيف في علومه إلا أنه مع ذلك كان خشابا يتجر في الخشب ولعله كان يتمثل بحديث النبي ﷺ حيث قال في الحديث الذي رواه المقداد بن معديكرب ﵁ حيث قال: قال النبي ﷺ: «ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبيّ الله داود ﵊ كان يأكل من عمل يده» (٣).
لم تقتصر جهود «أبي بكر الأذفوي» على التعليم والتجارة بل تصدى للتصنيف وترك للمكتبة الإسلامية ثروة قيمة من مصنفاته، في مقدمة ذلك كتابه «الاستغناء» في تفسير القرآن الذي بلغ مائة وعشرين مجلدا، وقد جمع فيه من العلوم ما لم يجتمع في غيره قال عنه «الذهبي»: منه نسخة بمصر بوقف القاضي الفاضل عبد الرحيم علي البيساني على مدرسته بالقاهرة (٤).
من هذا يتبين أن «أبا بكر الأذفوي» بلغ منزلة رفيعة في العلم، ومكانة سامية في خدمة القرآن الكريم وعلومه. وفي هذا المعنى يقول «الإمام أبو عمرو
_________
(١) انظر إنباه الرواة ج ٣ ص ١٨٦.
(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ١٩٨.
(٣) رواه البخاري، انظر الترغيب ج ٢ ص ٨٧٠.
(٤) انظر انباه الرواة ج ٣ ص ١٨٧.
1 / 86