115

Mucin

المعين على تفهم الأربعين ت دغش

Investigador

الدكتور دغش بن شبيب العجمي

Editorial

مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Ubicación del editor

حولي - الكويت

Géneros

والمعنى: إذا رأيتَ أهلَ البَادِية -وهذه الصفة غالبة عليهم وأشباههم من أهل الحاجة والفاقة- تُبسَطُ لهم الدّنيا حتى يتباهَوْا في البُنيان فذلك مِن علاماتِها. وقَد وُصِفوا في حديث أبي هُريرة بأنهم "صُمٌ بكم" أي: جَهَلة رَعاع، لم يَسْتَعمِلوا أسماعهم ولا كلامهم في عِلم، ولا في أمر دينهم، وهو نحو قوله تعالى: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ [البقرة: ١٨] أطلَقَ ذلِكَ عليهم. قال قتادة: " ﴿صُمٌّ﴾ عن استماع الحَقِّ ﴿بُكْمٌ﴾ عن التَّكَلُّم به ﴿عُمْيٌ﴾ عن الإبصار له" (١). معَ أَنَّ لهم الأسماع والأبصار؛ لكن لَمَّا لَمْ تحصل لهم ثمرات ذلك صاروا كأنهم عُدِمُوا أَصلَها، وقد أوضَح هذا المعنى قوله تعالى: ﴿هُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩]. والقَصْدُ مِن الحديث: الإخبارُ عن تبدُّلِ الحالِ، بأن يستولي أهلُ البادِيَة الذينَ هذهِ صِفاتُهُم على أهلِ الحاضِرة، ويَتَمَلَّكُوا بالقَهْر والغَلَبَة، فَتكثر أموالُهُم، وتتَّسِع في الحُطَام آمالهم، فَتَنْصَرف همَّتُهم إلى تشييد المباني، وهَدْمِ الدِّين [وشريف المعاني] (٢)، وقد جاءَ في الحديث: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتى يَكونَ أسعَدَ الناس بالدُّنْيَا لُكَعُ بنُ لُكَع" (٣).

(١) رواه الطبري (١/ ٣٣١ رقم ٤٠١)، وابن أبي حاتم (١/ ٥٣ رقم ١٧٤) في تفسيريهما. (٢) ما بين المعقوفتين من "المفهم" (١/ ١٤٩) وبه يتم سياق الكلام المسجوع. (٣) رواه أحمد (٣٨/ ٣٣٤ رقم ٢٣٣٠٣)، والترمذي: الفتن (٤/ ٧٠ رقم ٢٢٠٩)، والداني في "الفتن" (٤/ ٨٠٢ رقم ٤٠٧)، والبغوي في "شرح السنة" (١٤/ ٣٤٦ رقم ٤١٥٤)، والبيهقي في "الدلائل" (٦/ ٣٩٢)، عن حُذيفة ﵁. وهو حديث صحيح، وقد صححه الألباني في "صحيح الترمذي" (١٧٩٩). و"لُكع بن لكع" -هنا-: هو اللئيم بن اللئيم. انظر: "غريب الحديث" للخطابي (٣/ ١٠٣)، و"النهاية" لابن الأثير (٤/ ٢٦٨).

1 / 119