191

Mucin Hukkam

معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام

Editorial

دار الفكر

Número de edición

بدون طبعة وبدون تاريخ

فِيهِ حُجَّةٌ وَلَا مُعْجِزَةٌ كَقَوْلِ هِشَامٍ الْقُرَظِيِّ وَمَعْمَرٍ الضَّمْرِيِّ إنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى اللَّهِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِرَسُولِ اللَّهِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى ثَوَابٍ وَلَا عِقَابٍ وَلَا حُكْمٍ فَلَا مَحَالَةَ فِي كُفْرِهِمَا بِهَذَا الْقَوْلِ. وَكَذَا نُكَفِّرُهُمَا بِإِنْكَارِهِمَا أَنْ يَكُونَ فِي سَائِرِ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ حُجَّةٌ لَهُ، أَوْ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ دَلِيلٌ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِمُخَالَفَتِهِمَا الْإِجْمَاعَ وَالنَّقْلَ الْمُتَوَاتِرَ عَنْ النَّبِيِّ ﵊ بِاحْتِجَاجِهِ بِهَذَا كُلِّهِ وَتَصْرِيحِ الْقُرْآنِ بِهِ. [فَصْلٌ مَنْ سَبَّ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ] (فَصْلٌ): وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ سَبَّ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَإِنَّ سَبِيلَهُ سَبِيلُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ ﵊. قَالَ صَاحِبُ الشِّفَاءِ: وَهَذَا فِيمَنْ حَقَّقْنَا كَوْنَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ كَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَخَزَنَةِ الْجَنَّةِ وَخَزَنَةِ النَّارِ - أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا - وَالزَّبَانِيَةِ وَحَمَلَةِ الْعَرْشِ، وَكَعِزْرَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَرَضْوَانَ وَالْحَفَظَةِ وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَى قَبُولِ الْخَبَرِ الْوَارِدِ بِذِكْرِهِمْ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأَخْبَارُ بِتَعْيِينِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّسُلِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَخَالِدِ بْنِ سِنَانٍ - الْمَذْكُورِ أَنَّهُ نَبِيُّ أَهْلِ الرَّسِّ - وَزَرَادُشْتَ الَّذِي تَدَّعِي الْمَجُوسُ وَيَذْكُرُ الْمُؤَرِّخُونَ نُبُوَّتَهُ فَلَيْسَ الْحُكْمُ فِي سَابِّهِمْ وَالْكَافِرِ بِهِمْ كَالْحُكْمِ فِيمَنْ قَدَّمْنَاهُ إذَا لَمْ تَثْبُتْ لَهُمْ تِلْكَ الْحُرْمَةُ، وَلَكِنْ يُزْجَرُ مَنْ نَقْصِهِمْ وَآذَاهُمْ وَيُؤَدَّبُ بِحَالِ الْمَقُولِ فِيهِمْ لَا سِيَّمَا مَنْ عُرِفَتْ صِدِّيقِيَّتُهُ وَفَضْلُهُ مِنْهُمْ كَمَرْيَمَ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ نُبُوَّتُهَا. وَأَمَّا إنْكَارُ نُبُوَّتِهِمْ أَوْ كَوْنُ الْآخَرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ؛ فَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَا حَرَجَ؛ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَوَامِّ النَّاسِ زُجِرَ عَنْ الْخَوْضِ فِي مِثْلِ هَذَا، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ؛ إذْ لَيْسَ لَهُمْ الْكَلَامُ فِي مِثْلِ هَذَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ السَّلَفُ فِي مِثْلِ هَذَا مِمَّا لَيْسَ تَحْتَهُ عَمَلٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فَكَيْفَ بِالْعَامَّةِ. [فَصْلٌ فِي عُقُوبَةِ السَّاحِرِ وَالْخَنَّاقِ وَالزِّنْدِيقِ] (فَصْلٌ): فِي عُقُوبَةِ السَّاحِرِ وَالْخَنَّاقِ وَالزِّنْدِيقِ قَالَ فِي النَّوَازِلِ: الْخَنَّاقُ وَالسَّاحِرُ يُقْتَلَانِ إذَا أُخِذَا؛ لِأَنَّهُمَا سَاعِيَانِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، فَإِنْ تَابَا، إنْ كَانَ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِمَا قُبِلَتْ تَوْبَتُهُمَا، وَبَعْدَ مَا أُخِذَا لَا، وَيُقْتَلَانِ كَمَا فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَكَذَا الزِّنْدِيقُ الْمَعْرُوفُ وَالدَّاعِي إلَيْهِ: يَعْنِي إلَى مَذْهَبِ الْإِلْحَادِ. قَالَ ﵀: وَالْإِبَاحِيُّ عَلَى هَذَا وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، كَذَا أَفْتَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ عِزُّ الدِّينِ الْكِنْدِيُّ وَالْخَاقَانُ إبْرَاهِيمُ اُنْظُرْ الْخُلَاصَةَ. [فَصْلٌ فِي عُقُوبَةِ الْعَائِنِ] (فَصْلٌ): فِي عُقُوبَةِ الْعَائِنِ وَفِي الْمُوَطَّإِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ «أَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ اغْتَسَلَ بِالْخَرَّارِ فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْظُرُ إلَيْهِ، وَكَانَ سَهْلٌ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِلْدِ قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ، فَوُعِكَ سَهْلٌ مَكَانَهُ وَاشْتَدَّ وَعْكُهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأُخْبِرَ أَنَّ سَهْلًا وُعِكَ، وَأَنَّهُ غَيْرُ رَائِحٍ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرَهُ سَهْلٌ بِاَلَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِ عَامِرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، أَلَا بَرَّكْتَ؟ إنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ، تَوَضَّأْ لَهُ، فَتَوَضَّأَ لَهُ عَامِرٌ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» . وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ ﵊ دَعَا عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ: عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، أَلَا بَرَّكْتَ؟ اغْتَسِلْ لَهُ، فَغَسَلَ عَامِرٌ وَجْهَهُ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَ إزَارِهِ فِي قَدَحٍ. وَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْغُسْلُ الَّذِي أَدْرَكْنَا عَلَيْهِ عُلَمَاءَنَا يَصِفُونَهُ أَنْ يُؤْتَى الْعَائِنُ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَيُمْسِكُ مُرْتَفِعًا عَنْ الْأَرْضِ فَيُدْخِلُ فِيهِ كَفَّيْهِ فَيَتَمَضْمَضُ ثُمَّ يَمُجُّهُ فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ فِي الْقَدَحِ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَصُبُّ بِهَا عَلَى كَفِّهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ بِهَا عَلَى مِرْفَقِهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَصُبُّ بِهَا عَلَى قَدَمِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فَيَصُبُّ

1 / 193