178

Misr

مصر: نسيج الناس والمكان والزمان

Géneros

FDA

تقريرا مفاده: أن لحوم وألبان المستنسخات مماثلة تماما للحيوانات المرباة طبيعيا. وإذا صح هذا فإنه خبر سعيد لنجاح العلم في الاستنساخ. وقد تلقته الدوائر المهتمة في اليابان وأستراليا بالكثير من التقبل باعتبار أن منتجات المستنسخات سوف تدخل أسواق الاستهلاك في مستقبل ليس بعيدا. لكن هناك محاذير أولها: أنها لم تجرب بكفاية على البشر، حكمها في ذلك حكم النباتات المعالجة وراثيا. والأمر الثاني: أن الاستنساخ ما زال عملية باهظة التكلفة، ومن ثم فإن لحومها وألبانها تصبح أغلى أضعافا بالقياس إلى منتجات الحيوانات العادية التربية والتوالد، فضلا عن أن عمر الحيوان المستنسخ - حتى الآن - قصير ومعرض للموت لأسباب كثيرة لا نعرفها الآن. لهذا قيل: أن تقتصر عملية الاستنساخ على المحافظة على الأنواع النادرة المعرضة للانقراض.

وهكذا يكسب العلم خطوة ويتردد أو يخسر في سوق التعامل مع النتائج خطوة. فالبشر هم أعقد الخلق جميعا، وأكثرهم إلحاحا وسؤالا قبل أن يلقوا بأنفسهم للتهلكة، وذلك رغم أنهم يفتعلون التهلكة في الحروب التي اعتادوها منذ البداية! (2-4) مصايد الموت

الموت حق على كل الكائنات البيولوجية من نبات وحيوان وإنسان، نتيجة وهن المكونات العضوية لتلك الكائنات في أعمار مختلفة. لكن في بنية الطبيعة أحيانا مخاطر تؤدي إلى الهلاك المفاجئ كالرمال المتحركة، أو الزلازل والبراكين والعواصف الهوج والأعاصير المدمدمة والفيضانات الكاسحة والحرائق المدمرة، وغير ذلك من الظواهر الطبيعية المنتظمة وغير المنتظمة.

ولقد حاكى الإنسان بعض طبائع الحيوان في التربص بالفرائس. ولأنه كائن لاحم - أي آكل لحوم إلى جانب النبات - فقد زاد على طبائع الحيوان عمل الفخاخ والمصايد سواء كانت حفرا مغطاة أو حواجز يمد بينها شباك، أو توجيه الفرائس إلى هاوية تدق الأعناق، وذلك من أجل الحصول على لحوم الحيوان وفرائها وجلودها. ورويدا طبق الإنسان هذه الوسائل في صراعاته الفردية وحروبه القبلية والأممية.

حقول الألغام

وظل الإنسان يطور أسلحته وتقنياته في الخداع والتصيد إلى أن وصلنا إلى اختراع المتفجرات بأشكالها، فنشرت القيادات العسكرية مصايد مميتة هي عبارة عن حقول من ملايين الألغام تظل تعمل حتى بعد عشرات السنين من انتهاء الحروب. والأمر ليس بعيدا عنا ففي الصحراء الغربية وسيناء حقولا من الألغام لا تزال تهدر حياة مئات الأبرياء. وهناك اتفاقيات لتطهير الأرض من هذه الألغام لكن تنفيذها يتطلب وقتا ومالا، وفوق ذلك صدق المتحاربين على تسليم خرائط الألغام.

فإذا كانت الألغام مصايد عسكرية فإننا نعاصر اليوم مصايد أخرى بعضها عسكري الطابع، ولكن أخطرها هي المصايد التي يتسلل تأثيرها إلى بني الإنسان من خلال تطبيقات متعجلة في تكنولوجيا الغذاء غير مؤكدة النتائج بالنسبة لصحة الإنسانية. لعل ذلك أشبه بصندوق «باندورا» في الأسطورة الإغريقية حين حدت الرغبة باكتشاف ما في الصندوق، فانفلت إلى العالم آلاف الشرور التي كانت حبيسة بالصندوق، فأفسد بذلك عالما كان خاليا من الشر والأشرار، والشيء الوحيد الذي تبقى هو الأمل. فهل ما زال هناك أمل؟!

النفايات النووية

المصايد العسكرية الطابع غالبا ما يمكن ضبطها. فهي لا تطلق إلا في حالة نشوب الحرب. ولكنها مع ذلك هي من الخطورة بحيث يمكن أن تؤدي بمستقبل البشرية على سطح الأرض، والتي عبر عنها بعض الروائيين الذين يستشرفون المستقبل فيما أسموه «الشتاء النووي» أو «اليوم بعد الكارثة النووية». فإذا كان الردع النووي قد أصبح حقيقة قائمة الآن بحيث يكاد أن يستحيل معه قيام حرب نووية عالمية، فإن المخاطر الكبرى حقيقة واقعة تحت أنظارنا تتمثل في إشكالية التصرف في النفايات النووية الناجمة عن استخدامات عسكرية ومدنية كإنتاج الطاقة. وهي إشكالية أكثر خطورة من الحرب؛ لأن إشعاعات النفايات تتسرب إلى باطن الأرض، وغالبا ما تؤثر على المياه الجوفية، والكثير من مدن العالم ومزارعه تستمد مياهها من الطبقات الحاملة للمياه في جوف الأرض. ونموذج هذا - وإن كان على مقياس آخر من المسببات والمخاطر - ممارس لدينا حيث نعرف - ونحاول أن نعالج - تسرب مياه الصرف الصحي والصرف الزراعي - بما فيها من بقايا أسمدة ومبيدات كيماوية - إلى المياه الجوفية في الوادي والدلتا، مما يتسبب في أمراض كثيرة تأتي مباشرة وغير مباشرة.

Página desconocida