144

Misr

مصر: نسيج الناس والمكان والزمان

Géneros

وبصورة عامة فإن السودان الشمالي من نحو عرض الدويم/ود مدني جنوب الخرطوم بقليل حتى الحدود مع مصر ، هو أشبه أقسام السودان بمصر من حيث الاعتماد على النيل بالدرجة الأولى، والقليل من الأمطار التي تمكن القبائل الرعوية من الحياة خارج إطار النيل. ولكن كل شيء معكوس، فأرض الجزيرة السودانية بين النيلين الأزرق والأبيض هي بمثابة الدلتا المصرية - هي الجنوب بينما في مصر هي الشمال. والوادي عندنا في الجنوب بينما الوادي السوداني من شمال الخرطوم إلى حلفا هو الشمال، ومع انعكاس الترتيب الجغرافي إلا أن كل شيء متشابه: الجزيرة مركز ثقل سكاني اقتصادي مماثل للدلتا منذ آلاف السنين، والوادي السوداني مماثل للصعيد المصري في ضيقه، وإن اختلف في استمرار أماكن قدراته الإنتاجية التي تتكون من أحواض وسهول منفصلة عن بعضها كمنطقة شندي ومنطقة عطبرة وأبو حمد ومروى وسهل دنقلة، كلها تفصلها مناطق شديدة المحدودية قليلة الإنتاجية. ثم تأتي منطقة الجنادل في بطن الحجر وإقليم المحس والسكوت مماثلة نسبيا للنوبة المصرية القديمة، ومناطق شمال أسوان حتى حوض كوم أمبو في فقر الأرض، وضيقها بين حافات الصحاري والجبال.

أما القسم الأوسط من السودان: فهو أقل اعتمادا على النيل، إما لانحدار مياه النيل الأزرق بقوة - روضها سد الرصيرص، وإما لابتعاد الناس عن النيل الأبيض لعدم تحدد مجراه بين الانخفاض والارتفاع حسب المواسم، ومن ثم فهو يغرق مساحات كبيرة خلال موسم فيضان النيل الأزرق، ويغيض عنها في الشتاء. وحياة الناس في هذا القسم من السودان تتراوح بين الرعي بصورة واسعة تمتد إلى كردفان ودارفور، والزراعة المحدودة على الأمطار الصيفية في جنوب إقليم الجزيرة وفي جبال دارفور، وزراعات مكثفة قرب ضفاف النيل الأبيض وجزره الطولية العديدة التي من أشهرها جزيرة أبا الغنية بما ينفقه آل المهدي من تجهيزات وجهد كبيرين.

أما القسم الجنوبي من السودان: فممطر بوفرة ومليء بالجريان النهري العديد، مما يؤدي بالجزء الأوسط منه إلى تكوين مستنقعات شاسعة تعرف باسم إقليم السدود التي تفقد فيها غالبية المياه التي تأتي من هضبة البحيرات وبحر الغزال. وهنا كان يجري حفر قناة ونجلي لتوفير بضع مليارات من مياه بحر الجبل (4 إلى 6 مليارات)، لكن المشروع توقف في الثمانينيات نتيجة حرب الجنوب الطويلة. واحتياج السكان هذا القسم الجنوبي لمياه النيل وروافده محدود جدا - سواء في المناطق المنخفضة أو المرتفعات التي تحيط ببحر الغزال - فالمنطقة تشكو الإغراق وليس الجفاف، وكلاهما مضاره بالنسبة للبشر ليست بالشيء الهين (انظر الخريطة

6-1 ).

وفي هذا المجال يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن استمرار نمط حياة الرعي لقبائل إقليم السدود، وبخاصة الدنكا والنوير، هو واحد من العوامل التي تجعل هذه القبائل تنظر إلى مشروع قناة جونجلي نظرة سلبية؛ لأنه سوف يقوض أسس الحياة التي درجوا عليها مئات السنين؛ لهذا فالواجب أن تضيف الدولة، بعد انتهاء الحرب الأهلية، مشروعات تنمية بشرية تساعد النوير والدنكا على إعادة تشكيل حياتهم الاقتصادية إلى نمط آخر، فبدلا من القيمة الاجتماعية للأبقار يمكن أن تصبح لها قيمة سوقية - سواء في ذلك تجارة الحيوانات الحية أو اللحوم. لكن ذلك يحتاج أيضا إلى خدمات النقل الحديث لكي يمكن نقل الماشية بالسرعة المطلوبة إلى الأسواق الداخلية والخارجية.

وأخيرا ظهر البترول في منطقة إيبي شمال منطقة السدود وبخاصة قرب التقاء بحر الغزال ببحر الجبل، لكن من المعروف أن صناعة إنتاج البترول لا توفر سوى نشاط اقتصادي محدود العمالة مما قد لا يكون له أثر كبير في التحول الاقتصادي للرعاة التقليديين. ولكن ربما يمكن أن تقام بعض الصناعات على البترول، مثل تكرير بعض الخام وما يلي ذلك من صناعة بتروكيماوية محدودة قد تساعد على تشكيل أنماط أخرى من النشاط تستخدم أعدادا لا بأس بها من السكان، سواء عند منطقة الآبار أو شمالها في جبال النوبا أو جنوبها في حوض بحر الجبل وحوض بحر الغزال، مع تقوية وتحديث خط حديد كردفان-واو في بحر الغزال الأوسط وإنشاء طرق نقل أخرى صالحة لكل جواء في جنوب السودان. (1-7) اتفاقيات المياه بين مصر ودول حوض النيل

نظمت اتفاقيتا 1929 و1959 نصيب مصر والسودان من المياه على النحو الآتي:

اتفاقيتي المياه بين مصر والسودان

مليار متر مكعب

السنة

Página desconocida