زراعة محاصيل غير نهمة للماء، وأخرى متوافقة مع احتياجات مائية قليلة متناسبة مع ظروف المناخ. (3)
تنمية موارد الماء بصورة علمية في المناطق التي تؤهلها ظروفها الطبيعية والبشرية لذلك، دون مصادمات مع عناصر طبيعية سلبية، كمناطق الحرارة العالية والتبخر الشديد، أو مناطق الصخور ذات المسامية العالية، مما يؤدي إلى فقدان المياه بالتسرب إلى جوف الصخور. (4)
في مشروعات التنمية الزراعية يفضل استخدام سدود وقناطر وإدارة مياه متناسبة مع قدرات موازنة الدولة، بحيث لا تؤدي إلى إنهاك الموارد المالية أو إلى الدين العام الداخلي والخارجي، وبعبارة أخرى فإن مشروعات التنمية المتوسطة والصغيرة قادرة على جذب مبادآت الأفراد، ومن ثم تضمن توفير عمالة أكثر من المشروعات الكبيرة - العملاقة في المصطلح المتردد كثيرا في هذه الآونة، كما أنها - إذا فشلت لسبب أو آخر - فهي أقل خسائر في رأس المال والبنية الأساسية التي تخدمها.
وبالرغم من أن مشروعات التنمية المائية الكبرى هي حق مشروع داخل إطار سيادة أي دولة، وقد تصبح في مستقبل محدود إرثا حسن الناتج، فإنه من المستحسن ألا تكون هي النمط السائد في التنمية. ذلك أنه في المشروعات الضخمة تتداخل عوامل كثيرة غير محسوبة أثناء التنفيذ، مما قد يؤدي إلى تعثر المشروعات أو إتمامه بتكلفة عالية غير مرصودة، مما يخل بالقصد من وراء التنمية. كما أنه ليس من المستحسن أن تكون المشروعات المائية كبيرة القدر حتى لا تأتي على الرصيد المتبقي من المياه للدولة، وهو أمر يجعل من الصعب إجراء مشروعات أخرى ضرورية وحيوية في المستقبل، وفي مصر الآن مشروعات من هذا النوع في توشكى وشمال سيناء ربما أدت إلى استهلاك كبير في وفورات الموارد المائية المتاحة حاليا - إذا وجدت!
وكذلك فإن مشروعات الاستيطان الإسرائيلية الكثيرة التي تنشأ لأغراض عسكرية غالبا ما قد تؤدي إلى سرعة تآكل رصيد المياه الجوفية في هضاب فلسطين الوسطى، مما قد يترتب عليه كوارث بشرية وبيئية تؤدي إلى انقطاع العمران وتكوين قرى «أشباح ». وقد تلجأ إسرائيل إلى عملية تحلية المياه ذات الملوحة في بحيرة طبرية والبحر المتوسط - وهي بالقطع عملية عالية التكلفة. وإذا كانت إسرائيل قادرة على تكلفة التحلية أو استيراد مياه من تركيا، فما هو الحل بالنسبة لعرب الضفة وغزة بعد أن تنضب موارد المياه الجوفية نتيجة الاستنزاف الإسرائيلي؟
ومن المعروف أن المياه الجارية في الأنهار هي أرخص أنواع المياه المستخدمة، بينما تكلفة الحصول على المياه من مصادر أخرى هي أضعاف تكلفة مياه الأنهار. مثلا المياه الجوفية العميقة هي خمسة أضعاف تكلفة الحصول على ماء النهر. ويتكلف نقل الماء بواسطة الأنابيب ثمانية أضعاف مياه النهر، أما تحلية مياه البحر فهي أغلى أنواع المياه وقد تصل إلى نحو +مائة مرة قدر تكلفة الحصول على مياه النهر. ومن ثم فإن المحافظة على مياه الأنهار ضرورة بالغة الحيوية. فكم تتكلف الزراعة على مياه الأنهار بالقياس إلى الزراعة على المياه الجوفية؟!
10
وكم نفقد من المياه المصرية في الزراعة والصناعة، وتسرب مياه الشرب في المدن نتيجة عيوب الأنابيب الرئيسية والاستخدام الجائر للناس؟ لماذا لا تعيد الصناعة استخدام المياه بعد معالجتها، ولماذا لا نكثر من استخدام مياه الصرف المعالجة في ري الحدائق ونظافة الشوارع؟ الموضوع حيوي بالقياس إلى محدودية الموارد المائية في مصر. ومرة أخرى أعيد ما سبق نشره عن ضرورة الدعوة إلى رفع شعار «إدارة الماء الآن قبل أن يفوت الأوان!» (1-6) النيل في مصر والسودان
نتكلم كثيرا عن الروابط الخاصة بين مصر والسودان ونسميها روابط الأشقاء. وقد يختلف الأشقاء أحيانا لكنهم سرعان ما يتخطون الخلاف. ونهر النيل، أو النيل الخالد هو العمود الأساسي في هذه العلاقة - كما لو كان أرضا أو «حمى» متوارثا لعشيرة واحدة.
لكن ذلك لا يعني وجود مصالح خاصة جنبا إلى جنب المصالح المشتركة. فالمساحة كبيرة، واختلاف النظم الاقتصادية كبير في داخل السودان، مما يستدعي احتياجات مختلفة القدر من المياه في كل إقليم سوداني على حدة.
Página desconocida