142

Misr

مصر: نسيج الناس والمكان والزمان

Géneros

4

7,5 (1-3) الاحتياجات المستقبلية من المياه في البلاد العربية شرق أوسطية

لقد قدر الخبراء أن احتياجات دول الشرق الأوسط من المياه بعد نحو ربع قرن - عام 2025 (إسقاط متوسط)، تتراوح بين أقل من 100٪ وأكثر من 300٪ من مصادرها المائية المتاحة الآن، وذلك في ظل نمو أعداد السكان وثبات الدخول إلى قرابة ما هي عليه الآن. فالدول العربية التي لديها موفور من المياه يمكنها آمنة أن تستخدمه في التنمية دون الوصول إلى الحد الحرج هي لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية من فلسطين واليمن - وهي كما نرى البلاد التي تعيد الأمطار تغذية مياهها الجارية وينابيعها ومياهها الجوفية، ويمكن أن نضيف العراق إلى هذه الفئة التي تتوفر فيها أمطار غزيرة وثلوج مذابة في الشمال وجريان مائي عظيم القدر في نهر الدجلة على الخصوص.

أما مصر والسودان فهما الفئة الثانية التي تحتاج إلى تنمية مصادر مياهها بنسبة أقل من 150٪ من مصادرها الحالية، وإن كانت السودان أحسن حالا من مصر في هذا المجال - ولنا عودة إليهما تفصيلا. أما الدول التي تحتاج إلى مصادر تزيد ثلاث مرات أو أكثر عن مواردها المائية المتاحة فهي بلاد الخليج التي تسيطر عليها صفة الجفاف وعدم وجود مجاري نهرية، ومعظم مواردها الحالية هي من الطبقات الجوفية الحاملة للماء ومن معامل تحلية مياه البحر. تحتاج السعودية والبحرين إلى موارد إضافية بمقدار 363٪، 321٪ على التوالي، بينما تحتاج قطر والكويت إلى أكثر عشرة أضعاف ما لديها من موارد. عمان هي الوحيدة بين دول الخليج التي يقل احتياجها عن 200٪ بسبب سقوط أمطار متذبذبة الكمية سنويا، لكنها تساعد على الوفاء بقدر معقول من الاحتياجات المائية، وهي لهذا أقل دول الخليج اعتمادا على مياه البحر المحلاة. (1-4) المستخدم والمتاح من المياه

فإذا كان هذا هو الوضع المستقبلي القريب، فما هي كميات الماء المستخدمة فعلا الآن في الشرق الأوسط العربي؟ تقدير الخبراء في 1990 أن هذه الكمية تبلغ نحو 153 مليارا من الأمتار المكعبة من المياه الجارية والمياه الجوفية والمياه المحلاة. 37٪ من هذه المياه تستخدم في مصر، و28٪ في العراق، و12٪ في السودان، و10٪ في السعودية، و2٪ في سوريا، و1,8٪ في اليمن، و0,8٪ لكل من عمان والإمارات، و0,5٪ في لبنان والأردن والضفة، و0,2٪ في الكويت، و0,15٪ في البحرين، وأقل من 0,1٪ في قطر. واضح من هذا أن مصر والعراق والسودان تستخدم 77٪ من المياه المستغلة من بين هذه الدول؛ لتوفر الجريان النهري للنيل والدجلة والفرات. وهي أيضا أكثر البلاد العربية انشغالا بأعمال الزراعة. فإذا أضفنا السعودية بمياهها الجوفية نجد أن أربع دول تسيطر على 88٪ من المياه المستخدمة في المنطقة العربية شرق أوسطية. وهذه أوضاع قريبة من التناسب مع أعداد السكان. فالدول الأربع تمثل نحو 75٪ من مجموع عرب الشرق الأوسط (مصر 35٪، السودان 16٪، 12٪ لكل من العراق والسعودية).

وهذا يقودنا إلى تأكيد أن هناك فرق بين المياه المتاحة والمياه المستخدمة. وفي مجال المياه المتاحة تنقسم الدول العربية المشار إليها إلى مجموعتين: التي لديها وفرة تمكنها من تنمية استخدام الماء، وتلك التي تفتقر إلى مصادر مياه طبيعية متاحة. وفيما بين المجموعتين تقف مصر وفلسطين - جغرافيا - والأردن موقفا وسطا، بحيث تتراوح كمية المياه المتاحة والمياه المستخدمة في ميزان دقيق للغاية.

مجموعة الدول التي لديها مصادر مياه طبيعية - سواء كانت مصادرها من الأمطار أو المياه الجارية في الأنهار أو هما معا - هي السودان والعراق وسوريا ولبنان واليمن. هنا أمطار موفورة وجريان نهري - باستثناء اليمن. الماء المتاح في السودان هو نحو 73 مليارا - كمية المياه التي تجري إلى مصر ليست ضمن هذا القدر، وكمية المياه المستخدمة هي نحو 15٪ فقط من المياه المتاحة. وفي العراق 81 مليارا من المياه المتاحة يستخدم منها نحو 52٪. وفي اليمن خمسة مليارات يستخدم منها نحو 55٪. وفي سوريا نحو 25 مليارا أقل من 20٪ منها هو القدر المستخدم فعلا. وأخيرا تتوفر للبنان نحو ثمانية مليارات من الماء سنويا لا يستخدم منها سوى نحو الثمن فقط، هذه الأرقام التقريبية تعطي انطباعات أولية عن عظم الإمكانات المائية في هذه الدول، ولكن علينا أن ندرك أن الكثير من ظروف التضاريس وأنواع التربة وجيولوجية الصخور وحرارة الشمس مسئولة عن فواقد كثيرة بالتسرب أو التبخر، كما أن المنحدرات الجبلية الشديدة لا تمكن من استخدام مياه الأمطار والأنهار بسهولة. وعكس ذلك تماما الأراضي شديدة السهلية قليلة الانحدار التي تؤدي إلى تكوين مستنقعات هي أشد مصايد الماء فقدانا للمياه بالتبخر وامتصاص النباتات البرية، مثال ذلك المستنقعات الشاسعة في جنوب السودان وجنوب العراق. أما الأنهار الجبلية في لبنان وشمال غرب سوريا فتندفع مياهها فترة سقوط المطر نحو البحر، أو تغور بعض هذه المياه - ظاهرة الكارست - لتعود للظهور، إما في صورة ينابيع فوارة أو مغارات بحيرات وتكوينات النوازل والصواعد

Stalactite & Stalagmite ، كونتها المياه نقطة نقطة بما فيها من رواسب مذابة عشرات آلاف السنين في صور جمالية لا تنسى - أشهرها مغارة جعيتا، أو في صورة بعض المستنقعات الصغيرة المنتشرة على طول حافة الجبال في سهل البقاع من منابع العاصي في شمال لبنان إلى الحولة في شمال إسرائيل، والتي جففت بتكلفة عالية وأصبحت أرضا ذات إنتاج مقبول. وأخيرا فإن الحرارة الشديدة مسئولة عن تبخر نحو +عشرة مليارات من مسطح بحيرة السد العالي، فضلا عن نحو خمسة مليارات تفقد بالتبخر من مسار النيل بين الخرطوم وبحيرة السد. (1-5) كيفية المحافظة على توازنات رصيد المياه الآمن؟

هذه الصورة القائمة ليست مما يدعو إلى اليأس، هناك عدة ضوابط يجب مراعاتها من أجل زيادة فعالية المياه المستخدمة، نذكر منها الضوابط الرئيسية الآتية التي تمكن الدولة من استخدام جزء من المياه المفقودة عمليا دون إجهاد مالي ودون إضرار بالرصيد المائي، حتى لو كان هذا الرصيد صغيرا. (1)

حسن إدارة المياه بالتدرب على وسائل تقليل الاستهلاك في الزراعة والصناعة واستخدام البشر في المدن والقرى. (2)

Página desconocida