412

Historia de Egipto en la era del Jedive Ismael Bajá

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Géneros

وانعقدت في المدينة عدة اجتماعات، تليت فيها خطب في منتهى الطعن والشدة، وذهب الخطيب في إحداها إلى وجوب خلع الخديو، وعلقت إعلانات كبيرة في الأحياء الآهلة بالسكان، وفي معظم جهات البلد، حرض الرأي العام فيها على المطالبة بقلب نظام الحكم رأسا على عقب، واستلام تداخل أجنبي زمام الأمور في القطر.

2

إلى ذلك الحد البارد وصلت قحة زمرة من المرابين وجمهور من الدائنين، الذين طالما كانوا يتوقعون مكسبا من الخديو، لم يروا للثناء عليه حدا، فكالوا له المديح جزافا، وأنواعا مختلفة في جرائد بلادهم ومنتدياتها، وأقوال الخطباء فيها، ورفعوه إلى ما فوق السبع السماك واندلثوا الآن عليه، حالما شعروا بانقطاع مورد المكاسب والانتفاع.

فليتعظ بذلك كبراء الأرض، وليعلموا أن بخور الثناء الذي يحرقه حولهم القوم المستغلون مركزهم وثروتهم قد يتلاشى بسرعة، وقد لا يبقى له من أثر سوى الجمر الذي أحرق به، والذي قد يستعمله القوم أنفسهم ليحرقوا به سمعة من كان معبودهم بالأمس، والقليل الباقي من مصالحه، حالما ينتهي استغلالهم الطويل إياه بحمل الدهر على قلب ظهر المجن له.

على أن المظاهرة التي أساءت إلى قلب الخديو، وجرحته جرحا أبلغ من كل كلم سواه فتحته في قلبه أية مظاهرة أخرى، إنما هي المظاهرة التي حدثت في بورصة الإسكندرية عينها. فإن إدارة هذه البورصة بتأثير الإعجاب الماضي الحاف من كل جهة بشخص (إسماعيل) كانت منذ عهد قريب قد أقامت صورته في صدر قاعة جلساتها بحفلة حافلة، دوى صداها في جميع أنحاء القطر مدة.

ففي ثورة النفوس التي نحن بصددها اقترح بعضهم نزع تلك الصورة من هناك، وطردها من المحل كله، كغير جديرة وغير مستحقة أن تكون فيه، ولم يمكن إلا بكل تعب واحتياط حمايتها من المعاملة المهينة المهددة بها سخط أولئك المرابين والدائنين الجشعين.

3

ولم تكن قد مضت سنة، بعد، على إحراق أولئك الأقوام بخور ثنائهم المغرض أمامها، فما أقرب الصخرة الثرپيئية من الكاپيتول في ماجريات الحياة الاجتماعية البشرية.

وبينما كانت هذه المظاهرات السمجة تتعب آذان الهواء، بضجتها وجلبتها، وضوضائها الوقحة، وتثير انفعال الغضب والسخط في قلوب الأهالي المخلصين الولاء لخديوهم، بل تجمع حوله، بتأثير الرابطة الوطنية، والرابطة الدينية، ذات النافرين عنه، لسوء ما أصابهم من حكومته، اجتمع في البنك السلطاني العثماني كبار حملة الديون، الذين وقع عليهم أعظم الضر في أمر توقف وزير المالية المصرية عن دفع المستحق لهم، وطفقوا يتداولون فيما يجب عمله.

فقر رأيهم عن أن يبعثوا وفدا إلى الخديو، ليستفهموا من سموه عما وصلت إليه المخابرات الدائرة بغرض الوصول إلى إعادة مجاري الدفع، وليطلبوا فيما لو خابت تلك المخابرات، إشراكهم مع حكومته في البحث عن الطرق التي قد توجب الحال إجراءها في المستقبل، محافظة على مصالح الجميع.

Página desconocida