365

Historia de Egipto en la era del Jedive Ismael Bajá

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Géneros

5518000

وذلك علاوة على ما لم يكن له وجود بالمرة، فأنشئ مما ورد ذكره آنفا. •••

وإذا أضفنا إلى المنصرف مبلغ 11585000 جنيه الذي دفع جزية إلى حكومة الأستانة من الخزينة المصرية في سني (إسماعيل) الست عشرة، كان جميع المنصرف من (إسماعيل) على الشئون المصرية البحتة، وفي مصالح مصر المحضة، مبلغا يزيد على مائة وخمسة وعشرين مليونا من الجنيهات.

وبما أن عموم إيرادات القطر المصري في تلك السنوات الست عشرة إنما بلغت مائة وستة عشر مليونا، باعتبار سبعة ملايين ومائتين وخمسين ألف جنيه سنويا على المتوسط، وهو متوسط مبالغ فيه، فإذا استنزلنا منها عموم المنصرف على الإدارة المصرية وفي شئون الحكم في تلك المدة عينها - وهو أربعة وستون مليونا وستمائة ألف جنيه، باعتبار ثلاثة ملايين وثمانمائة ألف جنيه سنويا، لا أربعة ملايين، كما قرر السير كيف الآتي ذكره فيما بعد - فإن الصافي الباقي من تلك الإيرادات لا يكون إلا مبلغ اثنين وخمسين مليونا من الجنيهات، وهو قيمة ما دفع للأستانة فقط - أي أن هذا الباقي يقل ثلاثة وسبعين مليونا عما صرفه (إسماعيل)!

ولكنه كان لا بد من صرف ذلك المبلغ، بل وأكثر منه أيضا - لو أمكن الحصول عليه لتحقيق الخطة التي رسمها الأمير المصري لنفسه، لا سيما وأن جوف الأستانة لم يكن ليشبع.

فاضطر - والحالة هذه - إلى الاستدانة والاقتراض.

ولما كانت مصر من أغنى بلاد الأرض، وكان المشهور عن الأمراء الشرقيين، عموما، عدم التدقيق في المحاسبة، وعن (إسماعيل) على الأخص، سعة سماحة الكف، وعظم كرم النفس، فإن الماليين الغربيين، لا سيما اليهود، أظهروا من الاستعداد لإجابة جميع طلباته أغرب ما يتصوره الإنسان، بل بالغوا في بادئ أمرهم، في إغرائه على الاستدانة منهم إلى حد من المرغبات والمحببات يكاد لا يتخيله التصور، فتلا الاقتراض منهم الاقتراض، و(إسماعيل) في تلهبه الفائق لتحقيق أمنياته السامية لا يفكر في أن يعمل للأعباء المالية، ولكيفية تراكمها على ساعديه حسابا، ولا يرى من نفسه ميلا مطلقا إلى تقدير عواقبها، بفعل تربيته ومنبته ومركزه. فاستمر يجري في سيره السريع، وعيناه غير شاخصتين إلا إلى المرمى الفخيم الذي كان سيره يدنيه منه، ولا يهمه من أمره إلا أن يرى الذهب - الذي هو في حاجة إليه للوصول إلى ذلك المرمى - طوع بنانه دوما.

على أنه ليس أدل على معرفة مقدار المنافع والفوائد التي أصابها من جراء ذلك وسطاء الإقراض، من أن نذكر ما حكاه فرديناند دي لسبس عن نفسه حينما أراد فتح الاكتتاب بشركة ترعة السويس، قال: «كنت محتارا في أمري. فقال لي بعض الأصدقاء اذهب إلى روتشلد وهو يريحك، فعملت بنصحهم، وذهبت إلى ذلك المالي، فقال لي أجل، إذا شئت فتحت سلك الاكتتابات في مكتبي. فسألته وماذا تطلب مني؟ قال: يا سلام! أرى أنك لست رجل شغل، ماذا أطلب منك؟ المعروف المتفق عليه، أي خمسة في المائة. قلت خمسة في المائة على ثمانية ملايين، هذا ينتج أربعمائة ألف جنيه. كلا، كلا يا سيدي، إني أفضل أن أؤجر محلا بستين جنيها، وأباشر شغلي بنفسي.»

2

وليت الوسطاء بين (إسماعيل) ومقرضيه اقتصروا على الخمسة في المائة، بل ليتهم اقتصروا على ضعفها!

Página desconocida