343

Historia de Egipto en la era del Jedive Ismael Bajá

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Géneros

ومما زاد في أهمية تمكن (إسماعيل) من تنفيذ معظم الخطة التي رسمها لنفسه أنه لم يجد السبيل إلى ذلك سهلا، فعلاوة على الصعوبات السابق لنا بيانها، التي قامت تحول دونه ودون بلوغه مراميه - وكان لا بد في طبيعة الأحوال البشرية من قيامها، فكان من الممكن إذن توقعها، واتخاذ العدة مقدما للتغلب عليها - فقد اعترضت سبيله عقبات لم تكن في الحسبان، فاجأه الدهر بها، فبلا مروءته وفضله، واضطره إلى تحويل همته الشماء دهرا، للتغلب عليها وإزالتها، ثم لملافاة أضرارها.

تلك العقبات على نوعين: عقبات طبيعية، وعقبات أوجبتها تبعية مصر للدولة العثمانية.

أما العقبات الطبيعية، فكوارث أناخت بكلكها الثقيل على البلاد، بالتتابع والتوالي؛ وأما التي أوجبتها تبعية مصر للدولة العثمانية، فالحملات العسكرية المرسلة اضطرارا؛ آونة إلى بلاد العرب، وآونة إلى كريت، وأخرى إلى شبه جزيرة البلقان، لتقاتل هناك، لا في مصلحة مصر، ولكن في مصلحة تلك الدولة العثمانية.

وإنا لمبينون ذلك في الفصلين التاليين.

الفصل الأول

الكوارث الطبيعية1

حار بيني يا نائبات الليالي

عن يميني، وتارة عن شمالي (1) حريق الحمزاوي

في إحدى ليالي صيف سنة 1863 شبت نار عنيفة بالحمزاوي - والحمزاوي، كما هو معروف، مجموعة مخازن تشتمل على أهم المستودعات لأنفس البضائع وأثمنها، لا سيما المنسوجات والأبسطة والطنافس بمصر القاهرة - وبالرغم من الهمة والنشاط المبذولين من رجال الحفظ العام، بالرغم من التطوع بإخلاص، المقدم من أهالي الجيزة وسكان الجهات الأخرى الذين هبوا للمساعدة على إطفاء النيران، فإن هذه لم تخمد إلا قبيل الفجر، بعد تعب شديد وجهد جهيد، وذلك لعدم وجود رجال مطافئ متخصصين كما هي الحال الآن، ولأن مياه النيل لم تكن قد جلبت بعد إلى القاهرة، فبلغت الخسائر جملة ملايين من الفرنكات - وكان لمليون الفرنكات في ذلك العهد قيمة تعادل نيفا وعشرة أمثاله الآن.

فمد (إسماعيل) يد المساعدة من صندوقه الخاص إلى أكثر المنكوبين بؤسا، ثم استدعى التجار الذين أضر بهم ذلك الحريق، وأقرضهم عدة ملايين بدون فوائد، وأمهلهم عشر سنوات لردها، فنجى بذلك من الخراب والإفلاس التجار الغربيين أنفسهم الذين كانوا أهم دائني التجار الوطنيين المحروقة بضائعهم، وقلد الكل منة استحق عليها بجدارة الثناء والشكر العامين.

Página desconocida