Historia de Egipto en la era del Jedive Ismael Bajá
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Géneros
3
ومما يحسن ذكره بمناسبة تزويج الأمير حسن من الأميرة خديجة أن (إسماعيل) - وقد أعجب بملامح الذكاء المرتسمة على محياها - لما أدخلها المدرسة التي أنشأها لأميرات البيت العلوي خصيصا، وعدها بتزويجها من أحد أولاده إذا هي أظهرت اجتهادا في تعلمها، ثم مضى على ذلك زمن، وعن (لإسماعيل) يوما أن يزور تلك المدرسة، ويتفقد حال الطالبات فيها، فلما وصل إلى الأميرة خديجة سألها: «إلى أين بلغت من تعلم القرآن يا بنيتي؟» فأجابت من فورها: إلى
واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد .
فسر الخديو بجوابها جدا، وقال: «أجل، أجل»، ثم بر لها بوعده.
ومن أفضل ما يحسن ذكره بمناسبة أفراح الأنجال أن طه باشا الشمسي ناظر الخاصة الخديوية في ذلك الحين - وهو حمو حضرة صاحب المعالي أحمد طلعت باشا رئيس محكمة الاستئناف الأهلية الآن - كلف عدة محال تجارية بتقديم مناقصات لتوريد كل ما يلزم من فرش، وبياضات، ودنتلات، ورياش، لجهاز كل من الأميرات العرائس.
فلما قدمت، وقع اختيار طه باشا على مناقصة محل پاسكال الفرنساوي - ويعرفه كل من زار مصر القاهرة حتى سنة 1892 - لأنها، على جودة البضاعة المقدمة نماذج منها، كانت على رخص في الأثمان يرغب فيه.
ولكنه لما عرض ما وقع اختياره عليه على (إسماعيل) سأله الخديو: «ألم يتقدم في هذه المناقصة محل مصري وطني مطلقا؟» فأجاب طه باشا: «نعم يا مولاي، فقد تقدم ضمن آخرين محل مدكور، ولكن الأثمان التي عرضها مبالغ فيها ولا توافق، لأنها تزيد خمسة وعشرين في المائة على الأثمان التي يطلبها محل پاسكال.» فقال إسماعيل: «أرني مناقصته والنماذج المرفقة بها.» فقدمها طه باشا له، فوجد (إسماعيل) أن الأثمان المكتوبة على تلك النماذج تزيد حقيقة خمسة وعشرين في المائة على ما يطلبه محل پاسكال، ولكنه وجد أن نوع البضاعة واحد عند الاثنين، فضرب بمناقصة محل پاسكال عرض الحائط، وقال لطه باشا: «خذ كل ما نحن في حاجة إليه من محل مدكور، وادفع له خمسة وعشرين في المائة فوق ما يطلب.» فبدا في عيني طه باشا استغراب، بالرغم من أن فمه نطق بعبارات الامتثال، فقال إسماعيل له: «يا طه باشا، إذا كانت المحال التجارية المصرية لا تنتفع ولا تستفيد من أفراح أولادي، فمن أفراح من تريد أن تستفيد وتنتفع؟!»
فاغتنمها محل مدكور وهي طائرة، وزاد على أثمان كل ما قدمه ما أمكنته زياته، فكان ذلك من أسباب الثروة التي أحرزها.
4
أما القصور والسرايات، فإن ما بناه منها (إسماعيل) وحده يفوق كل ما بناه أسلافه العلويون معا، بل كل ما بناه أي عاهل من العواهل المصريين على ممر الأيام، إذا استثنينا منهم فراعنة الدولة الجديدة المجيدة، دولة أحمس وطوطمس ورمسيس، فهو الذي أقام في الإسكندرية قصور الرمل الشاهقة بجهة سيدي جابر ومصطفى باشا، وهو الذي بنى سرايات عابدين والجزيرة والجيزة والقبة وحلوان الأنيقة الجميلة، علاوة على ما جدد بناءه في سرايات رأس التين وقصر النيل والقلعة والنزهة وشبرا. وهو الذي بنى للأمراء أولاده وللأميرات بناته القصور الباذخة التي تزدان بها العاصمتان، وأقام في كل بندر من البنادر الصعيدية التي كان له فيها أملاك خاصة، كبندر المنيا، السرايات الفاخرة والقصور الباذخة، ولو شئنا وصفها كلها لاضطررنا إلى توسيع نطاق تاريخنا هذا توسيعا ربما أدى إلى الملل. يكفينا القول إن مصر - منذ عصر (قبة الهواء)، وقصر (خمارويه) وبستانه، وهودج (الآمر بأحكام الله)، ومناظر (الخلفاء الفاطميين)، ومنذ عصور (مباني القلعة) وسراياتها على أيدي الأيوبيين، والبحريين، والبرجيين - لم تعهد أياما كثر فيها فوق أرضها تشييد السرايات والقصور، وتجميلها بالبساتين النادرة المثال، مثل أيام (إسماعيل).
Página desconocida