Egipto en dos terceras partes de un siglo
مصر في ثلثي قرن
Géneros
لم تزل الحياة الزراعية جامدة كأن لم تمر بها الأعوام الطويلة، فإذا لم يكن الري قد صلح بما فعله به فإن الأرض لم تر بذرا جديدا غير ما تعرف من البذور، وهذه البذور القديمة لم تجد عناية لتجويد نوعها، بل وجدت نقيض ذلك إهمالا أصاب بعضها بالرداءة وبعضها الآخر بالانحطاط بجانب مثله من بذور الأمم الأخرى، وهل تفتقر هذه الحقيقة إلى برهان بعد أن رأينا مصيبة القطن بانحطاط درجته، وبعد أن شاهدنا غفلة الحكومة عنه، فلا هي رفعت من هذا الانحطاط بتوليد الأنواع الجيدة، ولا هي دعت الزراع إلى ذلك وحببت إليهم العمل بحسن الجزاء، إنما كانت دلائل العناية أن انصرفوا بكل قوتهم إلى السودان يستنبتونه قطنا يرتفع على القطن المصري ويحتجزون له النيل ليرى نبات مصر وفلاحها أمرا جللا لم يريانه من قبل.
إن الأثر الملموس هو أن محصول القطن زاد في جملته لأن الفلاح زاد الأرض التي يزرعها قطنا ونقص في مقداره الجزئي، فقد أصبح متوسط محصول الفدان الواحد ثلاثة قناطير وكان قبل سنة 1900 نحو ستة قناطير، وما كان لهذا النقص من علة إلا أن الأرض ضعفت بكثرة تداولها في زراعة القطن لكثرة ما تطلبه المصانع الإنكليزية وغيرها منه، وإن نظام الري ملأ بطن الأرض ماء ولم يقم بجانبه نظام الصرف ففسدت تربتها.
أما محصول الغلال فإليك ما قالته لجنة التجارة والصناعة فيه: «إن محصول الغلال المصرية لم يزل على ما كان عليه منذ قرن خلافا للبلدان الكبرى الزراعية فإن محصولاتها تضاعفت وذلك بفضل الأساليب الزراعية الحديثة».
هذا هو الأثر الملموس، وهو الجميل الذي أسدي لمصر فما أعظمه! وما أثقله على رقبتها! وما أوجب عليها أن تعرفه فلا تنكره أبد الدهر! أليس كذلك؟
إن للإصلاح مواقيت لا تنقطع عن أمة ما دامت حاجاتها في الحياة متجددة، والإصلاح ليس كلاما يقال ويذاع، ولكنه عمل، فلماذا لم نره في مواقيته؟!
الفصل السابع
الصناعة
«إن مصر غدت مهد حضارة هي من أغنى الحضارات القديمة وأمجدها ، كما أنه بسبب التقصير في الانتفاع بالمزايا الطبيعية قدر لهذه البلاد ألا تبلغ درجة الرقي والرخاء التي كانت جديرة بها»
لجنة التجارة الصناعة
ما كانت البلاد المصرية في أي عهد من عهود الحضارة في منزلة تهبط عن الدرجة الأولى بين غيرها من البلاد جميعا، اللهم إلا هذا العهد فقد هبطت حتى أصبحت سفلا، وتأخرت حتى صارت ذيلا.
Página desconocida