Egipto en el amanecer del siglo XIX 1801-1811 (Parte I)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Géneros
وزار سباستياني في هذا اليوم والأيام التالية القلعة وجزيرة الروضة والجيزة وبولاق وكل القلاع الصغيرة حول المدينة، وتذمر الجند الأتراك من مشاهدته يزور القلاع، ولكنه تظاهر بعدم الانتباه والالتفات لهذا التذمر، ولكن حدث في أثناء عودته من زيارة قلعة «ديبوي»
Dupuy
في 29 أكتوبر أن هدده أحد هؤلاء الجنود برفع «يطقانه» عليه، ولكنه كان سكرانا، ثم أظهر الأهالي سخطهم الشديد عليه، فلم يهتم سباستياني بهذا الحادث، ولكن ما لبث أحد أعيان القاهرة «مصطفى الوكيل» أن اعترض طريقه بعد ذلك وأنب أحد سياسه لسيره أمام فرنسي، وهدده بالجلد بعد رحيل هذا الفرنسي، فشكا سباستياني لخسرو باشا وطلب أن يعتذر مصطفى الوكيل له، ولكنه سرعان ما تبين له أن هذا الرجل كان من المقربين للباشا ويتمتع بحمايته، فكان بعد أن هدد سباستياني بمبارحة البلاد فورا وإبلاغ شكواه إلى حكومته، أن حضر إليه مصطفى الوكيل في اليوم التالي بصحبة «راشته»
Rossetti (قنصل النمسا في مصر) يطلب الصفح.
وقال سباستياني إنه حدث في نفس اليوم تهييج الألبانيين (الجند الأرنئود) ضده، وأن المحميين الإنجليز في رشيد قد بعثوا بكتابين يؤكدون فيهما مشاهدة أسطول فرنسي قريبا من شواطئ الأناضول في طريقه إلى القسطنطينية، وأن زيارة سباستياني لمصر لا غرض لها سوى خديعة المسئولين بهذه البلاد وصرفهم عن اتخاذ الحيطة لدفع الخطر الذي يهددهم، فعمل سباستياني على تكذيب هذه الإشاعات، واستدعى لمقابلته التاجر الذي وصلته رسالة رشيد، وسلمه هذا الأخير الرسالة التي بعث بها سباستياني إلى خسرو باشا مبينا له ما تستهدفه هذه الإشاعات الكاذبة والأخبار المغرضة من إحداث الاضطرابات لتكدير صفو العلاقات بين فرنسا والباب العالي، ولكن خسرو - على حد قول سباستياني - لم يقع في الشرك، بل أطلعه على رسالة وصلته من الجنرال ستيوارت كان مرفقا بها أمر يومي (أو بلاغ) من القنصل الأول وقت قيادته لجيش الشرق في مصر بتاريخ فركتيدور من سنة الجمهورية السابعة، يذكر للمصريين أن القسطنطينية كانت تابعة لبلاد العرب، وأنه قد حان الوقت لإعادة سيطرة القاهرة القديمة إليها والقضاء على إمبراطورية العثمانيين في الشرق، ورجا ستيوارت من خسرو أن يتمعن مليا فيما جاء بهذا الأمر اليومي؛ حتى يدرك مدى إخلاص الفرنسيين للباب العالي وقيمة صلحهم مع تركيا.
ثم اعتقد سباستياني أن الإنجليز يدبرون اغتياله، ولكن أثلج صدره أن يرى خسرو باشا يغمره بأنواع التكريم منذ وصوله إلى وقت مغادرته للبلاد ، وشهد بنفسه الوكيل التجاري الإنجليزي بالقاهرة «مسيت»
Missett
هذا التكريم، كما شاهد ما يظهره أهل القاهرة من محبة للفرنسيين.
ولاحظ سباستياني أن أصحاب النفوذ الأكبر في القاهرة - بعد خسرو باشا - كان «راشته» والسيد أحمد المحروقي، وقال عنهما إنهما يكرهان كلاهما فرنسا، وإن العداء - مع ذلك - مستحكم بينهما، والمعتقد أن «روشتي» أو «راشته» قد خان قضية البكوات المماليك، وانحاز الآن إلى جانب العثمانيين، ومع ذلك فإن هذا «الداهية» يعرف كيف يكسب صداقة وعطف المماليك إذا استعادوا نفوذهم، وهو الآن يتاجر مع خسرو باشا في الزعفران والحبوب، وهي تجارة عادت عليه بالربح الوفير حتى أثرى ثراء فاحشا في وقت قصير، ويتذمر من نفوذ المحروقي وروشتي الدفتردار شريف أفندي، وهو ذو سمعة طيبة، قابله سباستياني وأثنى عليه، وقال عنه إنه كان دائما من الحزب الموالي لفرنسا في الديوان العثماني بالقسطنطينية، وقت عضويته به قبل مجيئه إلى هذه البلاد، وقد عينه الباب العالي - قبل مغادرة سباستياني لمصر - باشا على جدة، ولكنه اعتبر هذا التعيين دون ما يستحق، فرفضه، وعين الباب العالي في منصب الدفتردارية رجائي أفندي الذي غادر القسطنطينية في طريقه إلى القاهرة.
وقد عاون سباستياني في نشاطه أثناء إقامته بالقاهرة، ترجمان الباشا «ستفاناكي»
Página desconocida