Egipto en el amanecer del siglo XIX 1801-1811 (Parte I)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Géneros
تقابل روسان
Roussin
القائم بأعمال السفارة الفرنسية بالقسطنطينية مع الريس أفندي، واستفسر منه عن سبب تأخر رحيل القوات البريطانية عن مصر، وظفر منه بجواب يوضح وجهة النظر البريطانية. بادر روسان بإرساله إلى «تاليران» في 26 نوفمبر سنة 1802، ويؤخذ منه - كما جاء في إجابة الريس أفندي - أن تأجيل الجلاء عن مصر مبعثه رغبة الحكومة الإنجليزية في الاطمئنان على مصير البكوات المماليك قبل رحيل قواتهم البرية والبحرية من البلاد، وعندما أوضح الريس أفندي للسفير الإنجليزي اللورد «إلجين» أن رعاية شروط المحالفة الأولية المبرمة بين إنجلترا وتركيا منذ يناير سنة 1799 توجب على الإنجليز الانسحاب من مصر مباشرة بعد خروج الفرنسيين منها، قال «إلجين» إنه حدث بناء على اتفاق لاحق أن أضاف الباب العالي وحكومته (أي إنجلترا) أن هذا الانسحاب يحدث «بعد أن يتوطد السلام والهدوء تماما في مصر ويسترضى جميع الملاك بها»، ومع أن الريس أفندي أجاب بأنه لا يجوز تسمية البكوات ب «الملاك» وتمييزهم بذلك عن غيرهم، وهم الذين يؤلفون من قديم الزمان جزءا متمما من حكومة مصر، رفض اللورد إلجين الأخذ بوجهة النظر هذه، ثم استند في معارضته لها على ما أحرزه البكوات من انتصارات على قوات الباب العالي في مصر. فكان من الواضح حينئذ أنه لا معدى من انتظار ما قد تسفر عنه بعثة سباستياني من حيث إقناع الإنجليز من جهة بتعجيل انسحابهم من مصر، ثم الوقوف على حقيقة الأوضاع في هذه البلاد من جهة أخرى.
بعثة سباستياني
أما سباستياني، فكان قد غادر طولون في 21 سبتمبر 1802 قاصدا إلى طرابلس فبلغها في 30 سبتمبر، ثم غادرها بعد يومين فوصل الإسكندرية يوم 16 أكتوبر، وفي نفس اليوم كتب - بوصفه وزيرا مفوضا من القنصل الأول في الليفانت - يطلب مقابلة الجنرال ستيوارت قائد القوات البريطانية بالإسكندرية للتحدث إليه في أمور هامة كلفه بها القنصل الأول، وفي هذه المقابلة أبلغه ما لديه من أوامر من وزير خارجية حكومته «تاليران» الذي طلب إليه الذهاب إلى الإسكندرية حتى إذا وجد الإنجليز لا يزالون بها، طلب منهم إخلاءها بوجه السرعة وتنفيذ معاهدة أميان، ثم أبلغ الجنرال ستيوارت دهشة القنصل الأول من استمرار الإنجليز في احتلال مصر، وسأله عن الأسباب التي دعت إلى إطالة مدة هذا الاحتلال، وحاول ستيوارت التخلص بإجابة مبهمة عن أنه لا خوف من تأخير الانسحاب الذي سوف يحدث فعلا، ولكن سباستياني أصر على جواب أقل إبهاما وغموضا، فذكر ستيوارت أنه ليست لديه أية أوامر من حكومته بإخلاء الإسكندرية، ويعتقد أنه سوف يمضي بها فصل الشتاء، وأنهم (أي الإنجليز) لا يخلون مصر ومالطة - حسب اعتقاده - إلا بعد إبرام معاهدة تجارية بين إنجلترا وفرنسا، فاكتفى سباستياني بهذه البيانات واعتبر مهمته بالنسبة للجنرال ستيوارت ومعرفة نوايا الإنجليز في موضوع الجلاء عن الإسكندرية منتهية.
ولم تترك هذه المقابلة أثرا طيبا في نفس سباستياني عن شخصية القائد الإنجليزي وكفاءته، فقال عنه إنه رجل قليل الذكاء، يتخيل أن بقاءه على رأس القوات البريطانية في مصر يلفت إليه أنظار أوروبا، وأكد سباستياني أنه يعلم يقينا أن ستيوارت يفتش عن إزعاج الوزارة الإنجليزية بكل الوسائل من الموقف في البلاد حتى يمنع الجلاء أو يطيل أمد الاحتلال، وكان في رأي سباستياني أن الجنرال ستيوارت يقع تحت تأثير ياوره الفارس دي ساد
Chevalier de Sades
من المهاجرين الفرنسيين، له ذكاء وعدو لفرنسا.
وفي نفس اليوم قابل خورشيد أحمد باشا حاكم الإسكندرية و«القبطان بك» قائد القوات البحرية العثمانية، فأبلغهما سباستياني بقرب مجيء الوكلاء التجاريين الفرنسيين إلى مصر، وقال سباستياني: «إنهما قد سرا لهذا النبأ سرورا عظيما.» ولم يخفيا عليه أنهما يتألمان من بقاء الإنجليز في هذه البلاد، وأكد لهما سباستياني أن مكثهم بها لن يطول الآن، ولا يترك إبرام الصلح العام (معاهدة إميان) أي شك في أن رحيلهم بات قريبا.
وقابل سباستياني في اليوم التالي (17 أكتوبر) الشيخ المسيري الذي ذكر لسباستياني اعتقاد الناس لحظة وصوله أنه أغا حضر للاستيلاء على المدينة، وأن سكانها قد فرحوا لذلك فرحا عظيما؛ الأمر الذي قال سباستياني إنه لاحظه وشهده بنفسه، ثم قابل في نفس اليوم الشيخ إبراهيم المفتي، وهو رجل قال عنه إنه مخلص كل الإخلاص لفرنسا، وينال من حكومتها معاشا، ولكنه مذموم من الأهالي ويكاد لا يكون له أي نفوذ عليهم.
Página desconocida