Egipto en el amanecer del siglo XIX 1801-1811 (Parte I)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Géneros
وفي 13 مارس 1806 كتب الألفي للميجور «مسيت» يعلمه بأنه قد بعث بأحد مماليكه إلى القسطنطينية، ويطلب منه أن يكتب إلى السفير الإنجليزي بها حتى يجعل نفسه مسئولا أمام الباب العالي عن قيام الألفي بتنفيذ كل اتفاق عادل يتم بين الفريقين، ويرجو أن يأخذ السفير الإنجليزي على عاتقه مهمة الدفاع عن قضيته، متعهدا في الوقت نفسه بقبول كل ما يجده السفير في صالحه، وللسفير أن يؤكد للباب العالي باسم الألفي والبكوات أنهم سوف ينفذون كل مطلب عادل يطلب منهم. وأما القواعد العادلة التي أراد الألفي أن يقوم عليها الاتفاق، فقد ذكرها في قوله: «إنه يرجو أن يرضى الباب العالي، بعد أن عرف أحوال مصر السيئة في الوقت الحاضر، بعودة الأمور فيها إلى ما كانت عليه سابقا، وكل الرؤساء الدينيين (أي المشايخ والعلماء) والأهالي يريدون حكومة البكوات؛ لإعادة الهدوء والاستقرار، والجميع عموما يرغبون في أن يجرى الاتفاق عن طريق تدخل الإنجليز؛ حتى يحدث الاطمئنان إلى أن الاتفاق الذي يبرم سوف يكون تسوية مستديمة.» ثم يختم الألفي رسالته بإثارة المسألة التي أقضت مضجع «مسيت» دائما، فقال: «وكل أولئك الذين يهيمنون اليوم على حكومة القاهرة يتصلون بالعدو (أي فرنسا) ويتراسلون مع وكلائها.» الأمر الذي لا بد أن يكون «مسيت» قد عرفه يقينا وبلغه خبره.
وعلى ذلك، فقد كتب «مسيت» من الإسكندرية في 22 مارس 1806 إلى «شارلس أربثنوت» يبلغه ما حدث. ولهذه الرسالة أهمية كبيرة؛ لأنها تقضي على الأسطورة القائلة بأن المباحثات التي جرت في القسطنطينية كانت بناء على توسط الإنجليز، كما أنها تلقي ضوءا كبيرا على آراء «مسيت» نفسه في معالجة الموقف، وهي آراء ظل يرددها من مدة طويلة ماضية، وخصوصا منذ أن طرد البكوات من القاهرة وتسلم محمد علي حكومتها بعد انقلاب مايو 1805، وذلك علاوة على إظهار مخاوفه من فشل أي اتفاق يسعى إليه الألفي بالصورة التي يريدها، وهي أن يكون هو نفسه صاحب الزعامة على سائر البكوات في الوضع المنتظر، مما يدل - إلى جانب غيره من الأدلة والبراهين - على أن الإنجليز لم يكونوا هم الساعين في فتح باب هذه المفاوضة، فقال «مسيت» يفسر الأسباب التي دعت الباب العالي إلى محاولة الاتفاق مع البكوات ويذكر الخطوات التي اتخذت لبدء المفاوضة معهم: «إن الحال التي سارت عليها مصر قد استرعت - فيما يبدو له - انتباه الحكومة العثمانية أخيرا؛ ذلك أن سليمان أغا، وهو مملوك أقام جملة سنوات بالقسطنطينية في مركز المشرف أو المراقب على مصالح طائفته قد أوفد بناء على رجاء بعض رجال الدولة: «كوسي كخيا»
Cussey Kiaia
و«والدة كخيا»
Validé Kiaia
رجلا موثوقا به إلى مصر مع تعليمات حتى يدعو محمد بك الألفي لإرسال وكيل يعتمد عليه للمباحثة مع وزراء الدولة في الوسائل التي يمكن بها إرجاع السلام والهدوء إلى مصر، والرجل الذي عهد إليه الألفي بهذه المفاوضة الهامة في طريقه الآن إلى القسطنطينية، ولكن الألفي بالرغم من تصريحه بالخضوع للباب العالي فإنه لا ثقة له في وعود الوزراء العثمانيين ويرفض الدخول في أية ارتباطات لا يكون السفير الإنجليزي ضامنا لها، ويرجو من السفير أن يتدخل في هذه المسألة تدخلا له أثره ووزنه، وأن يستخدم نفوذه لدى الباب العالي، وذلك هو الغرض من بعثة السيد «ستافراكي».» وقد عبر الألفي عن هذه العواطف (أو هذه الرغبات) في رسالته التي كتبها إلى «مسيت» - في 13 مارس - والتي يبعث هذا بصورة منها إلى السفير.
ثم يستطرد «مسيت» فيقول: «ويصرح الألفي - وكل رجل غير متحيز يقره على ما ذهب إليه - بأن مصر لن تنعم بأي هدوء مستقر إلا إذا أعيد تأسيس الحكومة المملوكية، ولكنه لا يوضح الوسائل التي يمكن بها إعادة تأسيسها، ومن المحتمل أن يخضع أكثر المماليك لسلطته إذا وضع (أي الألفي) على رأس الحكومة، ولكنني (أي «مسيت») لا أميل إلى الاعتقاد بأن أعداءه الشخصيين وخاصة عثمان البرديسي وسليمان بك المرادي سوف يرضيان بالخضوع له أبدا، على أن مقاومتهما لمثل هذا الترتيب ليست هي وحدها أكبر المشاكل التي سوف تصادفه؛ لأن الأرنئود لن يرضوا بالنزول عن سيطرتهم التي اغتصبوها، ولا سبيل لإخراجهم من مصر وإقصائهم عنها إلا باستخدام القوة وحدها، ولقد أثبتت التجارب أثناء الأعوام الثلاثة الماضية أنه كان من أثر مساعي الباب العالي للوصول إلى هذه الغاية زيادة الحال سوءا على سوئها؛ لأنه كان من السهل إغراء الجند الذين كلفوا بالعمل ضد الأرنئود أو التغلب عليهم بقوات متفوقة عليهم وأكثر عددا منهم.»
وعلى ضوء هذه الملاحظات إذن تقدم بالرأي الذي طالما نادى به هو وغيره من بعض الساسة والعسكريين الإنجليز، ونعني بذلك احتلال الإسكندرية، وأما إذا تعذر احتلالها فلا أقل من طرد محمد علي والأرنئود من مصر، فقال: «وأما إذا كان الديوان العثماني، مسترشدا بما تقضي به الحكمة السياسية وسعة الأفق، يتقدم بطلب إلى الحكومة الإنجليزية من أجل وضع فرق عسكرية بالإسكندرية (أي احتلالها) وأجيب هذا الطلب، فإن مصر سوف تتخلص من أولئك الذين أرهقوها وظلوا عبئا ثقيلا جاثما على صدرها، ولكنه حيث لا أمل هناك في حدوث شيء من ذلك، فلا يوجد سوى علاج ناجح واحد هو أنه إذا أمكن أن يقتنع الباب العالي بالاعتراف علنا بالمماليك حكاما شرعيين لمصر، فعليه أن يصدر أمره في الوقت نفسه برحيل الأرنئود فورا، وأن يعلن هؤلاء عصاة وثوارا إذا رفضوا الطاعة وتلبية أوامره، ويوجه الدعوة إلى العلماء (المشايخ) والأهالي لمساعدة المماليك بأقصى ما لديهم من جهد والتعاون معهم على طرد الجند العصاة الثائرين.»
وحضر محمد أغا كتخدا الألفي و«ستافراكي» ترجمانه إلى القسطنطينية، وزار الأخير يوم وصوله وبصحبته محمد أغا السفير الإنجليزي، وسلم «ستافراكي» رسالة «مسيت» السالفة الذكر إلى السفير، كما تسلم السفير رسالة الألفي إليه، وبدأ مندوبا الألفي نشاطهما في القسطنطينية.
ويدل ما تبودل من رسائل بين «شارلس أربثنوت» و«شارلس جيمس فوكس»
Página desconocida