Mishkat Anwar
مشكاة االأنوار
Investigador
الدكتور أبو العلا عفيفي
Editorial
الدار القومية للطباعة والنشر
Ubicación del editor
القاهرة
في جنسها، لكن الذى للإنسان منه نمط آخر أشرف وأعلى؛ وخلق الإنسان لأجل غرض أجلّ وأسمى. أما الحيوانات فلم يخلق ذلك لها إلا ليكون آلتها في طلب غذائها في تسخيرها للآدمى. وإنما خلق للآدمى ليكون شبكة له يقتنص بها من العالم الأسفل مبادئ المعارف الدينية الشريفة. إذ الإنسان إذا أدرك بالحس شخصًا معينًا اقتبس عقله منه معنى عامًا مطلقًا كما ذكرنا في مثال حبْو عبد الرحمن بن عوف. وإذا عرفت هذه الأرواح الخمسة (و١٧ـ ا) فلنرجع إلى عرض الأمثلة.
بيان أمثلة هذه الآية
اعلم أن القول في موازنة هذه الأرواح الخمسة للمشكاة والزجاجة والمصباح والشجرة والزيت يمكن تطويله، لكنى أوجزه وأقتصر على التنبيه على طريقة فأقول:
أما الروح الحساس فإذا نظرت إلى خاصيته وجدت أنواره خارجة من ثُقُب عدة كالعينين والأذنين والمنخرين وغيرها. وأوفق مثال له من عالم الشهادة المشكاة. وأما الروح الخيالى فنجد له خواص ثلاثًا: إحداها: أنه من طينة العالم السفلى الكثيف: لأن الشىء المتخيل ذو مقدار وشكل وجهات محصورة مخصوصة. وهو على نسبة من المتخيل من قرب أو بعد. ومن شأن الكثيف الموصوف بأوصاف الأجسام أن يحجب عن الأنوار العقلية المحضة التى تتنزه عن الوصف بالجهات والمقادير والقرب والبعد.
الثانية: أن هذا الخيال الكثيف إذا صفىّ ودقق وهذّب وضبط صار موازيًا للمعانى العقلية ومؤديًا لأنوارها، غير حائل عن إشراق نورها منها.
الثالثة: أن الخيال في بداية الأمر محتاج إليه جدًا ليضبط به المعارف العقلية فلا تضطرب ولا تتزلزل ولا تنتشر انتشارًا يخرج عن الضبط. فنعم
1 / 79