La escalera de las llaves
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Editorial
دار الفكر
Edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
١٩٠ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: مَنْ تَعَلَّمَ كِتَابَ اللَّهِ ثُمَّ اتَّبَعَ مَا فِيهِ ; هَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الضَّلَالَةِ فِي الدُّنْيَا، وَوَقَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُوءَ الْحِسَابِ. وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: مَنِ اقْتَدَى بِكِتَابِ اللَّهِ لَا يَضِلُّ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَشْقَى فِي الْآخِرَةِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ [طه: ١٢٣] . رَوَاهُ رَزِينٌ.
ــ
١٩٠ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ) أَيْ مَوْقُوفًا (مَنْ تَعَلَّمَ كِتَابَ اللَّهِ): نَظَرًا أَوْ حِفْظًا أَوْ عِلْمًا بِمَعْنَاهُ (ثُمَّ اتَّبَعَ مَا فِيهِ): مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ (هَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الضَّلَالَةِ): ضَمَّنَ هَدَى مَعْنَى آمَنَ، فَعَدَّاهُ بِمَنْ أَيْ آمَنَهُ اللَّهُ مِنِ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ مَنِ اتَّبَعَ الْقُرْآنَ ثَبَّتَهُ اللَّهُ عَلَى الْهِدَايَةِ، وَوَقَاهُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الضَّلَالَةِ مَا دَامَ يَعِيشُ (فِي الدُّنْيَا، وَوَقَاهُ) أَيْ: حَفِظَهُ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُوءَ الْحِسَابِ) أَيْ: مُنَاقَشَتَهُ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى السُّوءِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «مَنْ نُوقِشَ فِي الْحِسَابِ عُذِّبَ» "
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِيهِ أَنَّ سَعَادَةَ الدَّارَيْنِ مَنُوطَةٌ بِمُتَابَعَةِ كِتَابِ اللَّهِ اهـ. وَمُتَابَعَتُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ سُنَّةِ رَسُولِهِ ﵊ وَمُتَابَعَتِهِ، فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ شَرْعًا لَا يَنْفَكُّ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ. (وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:) أَيِ ابْنُ عَبَّاسٍ (مَنِ اقْتَدَى بِكِتَابِ اللَّهِ) أَيْ: فِي الِاعْتِقَادَاتِ وَالْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا (لَا يَضِلُّ) أَيْ: لَا يَقَعُ فِي الضَّلَالَةِ (فِي الدُّنْيَا وَلَا يَشْقَى) أَيْ: لَا يَتْعَبُ وَلَا يُعَذَّبُ (فِي الْآخِرَةِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ) اسْتِشْهَادًا لِمَا قَالَهُ ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ﴾ [طه: ١٢٣] أَيْ مَا يُهْدَى بِهِ، أَوْ أُرِيدَ بِهِ الْمَصْدَرُ مُبَالَغَةً، وَهُوَ الْقُرْآنُ بِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ أَيِ: الْهِدَايَةُ الْمَخْصُوصَةُ بِي الْمَنْسُوبَةُ إِلَيَّ، وَفِي مَعْنَاهَا الْهِدَايَةُ النَّبَوِيَّةُ وَالسُّنَّةُ الْمُصْطَفَوِيَّةُ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمَعَالِمِ أَيِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ﴿فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ [طه: ١٢٣]: ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفْيَ الضَّلَالَةِ فِي الدُّنْيَا، وَنَفْيَ التَّعَبِ فِي الْآخِرَةِ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَّرِيُّ: مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى وَهُوَ مُلَازَمَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لَا يَضِلُّ عَنْ طَرِيقِ الْهُدَى وَلَا يَشْقَى فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، فَكَأَنَّهُ لَمْ يُعِدَّ التَّعَبَ الدُّنْيَوِيَّ مَعَ النَّعِيمِ الْأُخْرَوِيِّ تَعَبًا أَوْ لِانْشِرَاحِ صَدْرِهِ وَاطْمِئْنَانِ قَلْبِهِ وَتَسْلِيمِهِ تَحْتَ الْقَضَاءِ مَعَ الرِّضَا ارْتَفَعَ التَّعَبُ كُلُّهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ رَزِينٌ) .
١٩١ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَنْ جَنَبَتَيِ الصِّرَاطِ سُورَانِ، فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرَخَاةٌ، وَعِنْدَ رَأْسِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ: اسْتَقِيمُوا عَلَى الصِّرَاطِ وَلَا تَعْوَجُّوا، وَفَوْقَ ذَلِكَ دَاعٍ يَدْعُو، كُلَّمَا هَمَّ عَبْدٌ أَنْ يَفْتَحَ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ قَالَ: وَيْحَكَ! لَا تَفْتَحْهُ ; فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ ". ثُمَّ فَسَّرَهُ فَأَخْبَرَ: " أَنَّ الصِّرَاطَ هُوَ الْإِسْلَامُ، وَأَنَّ الْأَبْوَابَ الْمُفَتَّحَةَ مَحَارِمُ اللَّهِ، وَأَنَّ السُّتُورَ الْمُرَخَاةَ حُدُودُ اللَّهِ، وَأَنَّ الدَّاعِيَ عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ هُوَ الْقُرْآنُ، وَأَنَّ الدَّاعِيَ مِنْ فَوْقِهِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ» ". رَوَاهُ رَزِينٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ.
ــ
١٩١ - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا) أَيْ: بَيَّنَ مَثَلًا (صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا): بَدَلٌ مِنْ مَثَلًا عَلَى إِهْدَامِ الْمُبْدَلِ، كَمَا فِي قَوْلِكَ: زِيدٌ رَأَيْتُ غُلَامَهُ رَجُلًا صَالِحًا (وَعَنْ جَنَبَتَيِ الصِّرَاطِ): بِفَتْحِ النُّونِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَقَلَهُ مَيْرَكُ أَيْ: عَنْ طَرَفَيْهِ وَجَانِبَيْهِ يَعْنِي يَمِينَهُ وَيَسَارَهُ (سُورَانِ): وَالْجُمْلَةُ حَالٌ عَنْ صِرَاطًا (فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ): الْجُمْلَةُ صِفَةُ سُورَانِ أَيْ: جِدَارَانِ فَاصِلَانِ بَيْنَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَطَرَفَيْهِ الْخَارِجَيْنِ عَنِ الصِّرَاطِ الْقَوِيمِ، الْمُشَبَّهَيْنِ بِسُورِ الْبَلَدِ مِنْ جَنَبَتَيْهِ، أَحَدُ جَانِبَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَالْآخَرُ مِنَ الْعَدُوِّ وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ [الحديد: ١٣] وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ): جَمْعُ السِّتْرِ بِالْكَسْرِ (مُرَخَاةٌ) أَيْ: مُرْسَلَةٌ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْأَبْوَابِ فِي " مُفَتَّحَةٌ "، وَوَضْعُ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إِلَى صَاحِبِهَا لِإِفَادَةِ التَّفْخِيمِ (وَعِنْدَ رَأْسِ الصِّرَاطِ) أَيْ: عَلَيْهِ (دَاعٍ): عَطُوفٌ عَلَى وَعَنْ جَنَبَتَيِ الصِّرَاطِ (يَقُولُ): أَيِ الدَّاعِي (اسْتَقِيمُوا): أَيِ اسْتَوُوا (عَلَى الصِّرَاطِ وَلَا تَعْوَجُّوا): بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ مِنَ الِاعْوِجَاجِ، كَذَا فِي نُسْخَةِ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ، أَيْ: لَا تَمِيلُوا إِلَى الْأَطْرَافِ.
1 / 272