La escalera de las llaves
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Editorial
دار الفكر
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الدِّينِ، عَصَمَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ عَثْرَةِ الْعَقْلِ وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ (تَنْهَسُهُ): بِالتَّأْنِيثِ وَقِيلَ بِالتَّذْكِيرِ وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَرُوِيَ بِالْمُعْجَمَةِ، فَفِي النِّهَايَةِ: النَّهْسُ: أَخْذُ اللَّحْمِ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ، وَالنَّهْشُ الْأَخْذُ بِجَمِيعِهَا.
وَفِي الْقَامُوسِ نَهَسَ اللَّحْمُ كَمَنَعَ وَسَمِعَ، أَخَذَهُ بِمُقَدَّمِ أَسْنَانِهِ وَنَتَفَهُ، وَنَهَشَهُ كَمَنَعَهُ نَهَسَهُ وَلَسَعَهُ وَعَضَّهُ أَوْ أَخَذَهُ بِأَضْرَاسِهِ وَبِالسِّينِ أَخَذَهُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ (وَتَلْدَغُهُ): بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. قِيلَ: نَهْسٌ وَلَدْغٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ جَمْعَ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدًا أَوْ لِبَيَانِ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ، وَقِيلَ: النَّهْسُ الْقَطْعُ بِالسِّنِّ مِنْ غَيْرِ إِرْسَالِ السُّمِّ فِيهِ، وَاللَّدْغُ ضَرْبُ السِّنِّ بِلَا قَطْعٍ لَكِنْ مَعَ إِرْسَالِ السُّمِّ فِيهِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ (حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، لَوْ أَنَّ تِنِّينًا مِنْهَا نَفَخَ): بِالْمُعْجَمَةِ، وَقِيلَ بِالْمُهْمَلَةِ (فِي الْأَرْضِ)، أَيْ: لَوْ وَصَلَ رِيحُ فَمِهِ وَحَرَارَتُهُ إِلَيْهَا (مَا أَنْبَتَتْ)، أَيِ: الْأَرْضُ (خَضِرًا): بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ أَيْ نَبَاتًا أَخْضَرَ، وَرُوِيَ بِسُكُونِ الضَّادِ مَمْدُودًا عَلَى فَعْلَاءَ كَحَمْرَاءَ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَخْضَرُ كَذَا قِيلَ، وَالْأَظْهَرُ، أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ حَبَّةً خَضْرَاءَ. (رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ)، أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ (وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ)، أَيْ: بِالْمَعْنَى (وَقَالَ: سَبْعُونَ بَدَلَ): بِالنَّصْبِ ظَرْفٌ (تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ): بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ. قَالَ الْعَيْنِيُّ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ ضَعِيفَةٌ عَلَى مَا فِي الْأَزْهَارِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَبِتَقْدِيرِ وُرُودِهِمَا يُجْمَعُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لِلْمَتْبُوعِينَ مِنَ الْكُفَّارِ، وَالثَّانِي لِلتَّابِعِينَ، أَوْ بِأَنَّ سَبْعِينَ يُعَبَّرُ بِهَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ عَنِ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ جِدًّا، فَحِينَئِذٍ هِيَ لَا تُنَافِي الْأُولَى لِأَنَّهَا مُجْمَلَةٌ وَتِلْكَ مُبَيِّنَةٌ لَهَا. قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ فَإِنَّ الْإِمَامَ الْغَزَّالِيَّ ﵀ صَرَّحَ بِأَنَّ عَذَابَ الْكَافِرِ الْفَقِيرِ فِي النَّارِ أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْكَافِرِ الْغَنِيِّ.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
١٣٥ - عَنْ جَابِرٍ ﵁ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ حِينَ تُوُفِّيَ، فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَسُوِّيَ عَلَيْهِ، سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَبَّحْنَا طَوِيلًا، ثُمَّ كَبَّرَ، فَكَبَّرْنَا. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ سَبَّحَتْ ثُمَّ كَبَّرْتَ؟ قَالَ: " لَقَدْ تَضَايَقَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ قَبْرُهُ حَتَّى فَرَّجَهُ اللَّهُ عَنْهُ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ــ
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
١٣٥ - (عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ)، أَيْ: جِنَازَتِهِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْأَوْسِ مِنَ الْأَنْصَارِ، أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ بَيْنَ الْعَقَبَةِ الْأَوْلَى وَالثَّانِيَةِ، وَأَسْلَمَ بِإِسْلَامِهِ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَدَارُهُمْ أَوَّلُ دَارٍ أَسْلَمَتْ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَيِّدَ الْأَنْصَارِ، وَكَانَ مُقَدَّمًا مُطَاعًا شَرِيفًا فِي قَوْمِهِ، مِنْ أَجِلَّةِ الصَّحَابَةِ وَأَكَابِرِهِمْ، شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا، وَثَبَتَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَئِذٍ، وَرُمِيَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي أَكْحَلِهِ فَلَمْ يَرْقَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ، وَذَلِكَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ الْحَرَامِ سَنَةَ خَمْسٍ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ، رَوَى عَنْهُ نَفَرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ (حِينَ تُوُفِّيَ): بِضَمَّتَيْنِ، وَحُكِيَ بِفَتْحِهِمَا وَهُوَ قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ أَيْ مَاتَ (فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَسُوِّيَ عَلَيْهِ)، أَيِ: التُّرَابُ وَدُفِنَ وَالْفِعْلَانِ مَجْهُولَانِ (سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ): وَلَعَلَّ التَّسْبِيحَ كَانَ لِلتَّعَجُّبِ أَوْ لِلتَّنْزِيهِ لِإِرَادَةِ تَنْزِيهٍ لِإِرَادَةِ تَنْزِيهِهِ تَعَالَى أَنْ يَظْلِمَ أَحَدًا، ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ حَجَرٍ قَالَ: وَمُنَاسَبَةُ تَسْبِيحِهِ لِمُشَاهَدَةِ التَّضْيِيقِ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ ظَاهِرَةٌ، إِذْ بِشُهُودِ ذَلِكَ يَسْتَحْضِرُ الْإِنْسَانُ مَقَامَ جَلَالِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ، وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ بِمَنْ يَشَاءُ، وَهَذَا الْمَقَامُ يُنَاسِبُهُ التَّنْزِيهُ لِأَنَّهُ مَقَامُ الْعِزَّةِ الْكُبْرَى الْمُقْتَضِيَةُ لِذَلِكَ التَّنَزُّهِ فَتَأَمَّلْ. (فَسَبَّحْنَا)، أَيْ: تَبَعًا لَهُ (طَوِيلًا): قَيْدٌ لِلْفِعْلَيْنِ أَيْ زَمَانًا طَوِيلًا) أَوْ تَسْبِيحًا طَوِيلًا يَعْنِي كَثِيرًا (ثُمَّ كَبَّرَ): وَلَعَلَّ التَّكْبِيرَ كَانَ بَعْدَ التَّفْرِيجِ (فَكَبَّرْنَا)، أَيْ: عَقِيبَ تَكْبِيرِهِ اقْتِدَاءً بِهِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَمْ يَقُلْ طَوِيلًا إِمَّا لِلِاكْتِفَاءِ بِذِكْرِهِ أَوَّلًا: أَوْ لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يُطِلْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَبَّرَ عِنْدَ وُقُوعِ التَّفْرِيجِ عَنْ سَعْدٍ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ يَغْلِبُ ذِكْرُهُ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ الْأَمْرِ الْبَاهِرِ. (فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: لِمَ سَبَّحْتَ ثُمَّ كَبَّرْتَ؟): أَيْ مَعَ أَنَّ الْمَقَامَ لَا يَسْتَدْعِي ذَلِكَ (وَلَقَدْ تَضَايَقَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ قَبْرَهُ): هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى كَمَالِ تَمْيِيزِهِ وَرَفْعِ
1 / 217