La escalera de las llaves
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Editorial
دار الفكر
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
١٢٢ - وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ﵁، فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢] قَالَ: جَمَعَهُمْ فَجَعَلَهُمْ أَزْوَاجًا، ثُمَّ صَوَّرَهُمْ فَاسْتَنْطَقَهُمْ، فَتَكَلَّمُوا، ثُمَّ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ، وَالْمِيثَاقَ، ﴿وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢] .
قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ، وَأُشْهِدُ عَلَيْكُمْ أَبَاكُمْ آدَمَ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لَمْ نَعْلَمْ بِهَذَا. اعْلَمُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرِي، وَلَا رَبَّ غَيْرِي، وَلَا تُشْرِكُوا بِي شَيْئًا. إِنِّي سَأُرْسِلُ إِلَيْكُمْ رُسُلِي يُذَكِّرُونَكُمْ عَهْدِي، وَمِيثَاقِي، وَأُنْزِلُ عَلَيْكُمْ كُتُبِي. قَالُوا: شَهِدْنَا بِأَنَّكَ رَبُّنَا، وَإِلَهُنَا. لَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ لَنَا غَيْرُكَ. فَأَقَرُّوا بِذَلِكَ، وَرُفِعَ عَلَيْهِمْ آدَمُ ﵇ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَرَأَى الْغَنِيَّ، وَالْفَقِيرَ، وَحَسَنَ الصُّورَةِ، وَدُونَ ذَلِكَ. فَقَالَ: رَبِّ لَوْلَا سَوَّيْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ قَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أَشْكُرَ، وَرَأَى الْأَنْبِيَاءَ فِيهِمْ مِثْلَ السُّرُجِ عَلَيْهِمُ النُّورُ، خُصُّوا بِمِيثَاقٍ آخَرَ فِي الرِّسَالَةِ، وَالنُّبُوَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ، وَتَعَالَى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ﴾ [الأحزاب: ٧] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ [الأحزاب: ٧]
كَانَ فِي تِلْكَ الْأَرْوَاحِ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى مَرْيَمَ ﵉ فَحُدِّثَ عَنْ أُبَيٍّ: أَنَّهُ دَخَلَ مِنْ فِيهَا. رَوَاهُ أَحْمَدٌ.
ــ
١٢٢ - (وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ): ﵁ (فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿ أَيْ: فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢]: وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: ذُرِّيَّاتِهِمْ، وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَوَاتِرَتَانِ (قَالَ) أَيْ: أُبَيٌّ (جَمَعَهُمْ) أَيِ: اللَّهُ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُمْ (فَجَعَلَهُمْ أَزْوَاجًا) أَيْ: ذُكُورًا، وَإِنَاثًا، أَوْ أَصْنَافًا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَلِذَا قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ: أَرَادَ جَعْلَهُمْ أَصْنَافًا، وَفَسَّرَ الْأَصْنَافَ بِقَوْلِهِ الْآتِي فَرَأَى الْغَنِيَّ، وَالْفَقِيرَ (ثُمَّ صَوَّرَهُمْ) أَيْ: عَلَى صُوَرِهِمُ الَّتِي يَكُونُونَ عَلَيْهَا بَعْدُ (فَاسْتَنْطَقَهُمْ): أَيْ: خَلَقَ فِيهِمُ الْعَقْلَ، وَطَلَبَ مِنْهُمُ النُّطْقَ (فَتَكَلَّمُوا): بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَوْ بِمَا سَيَأْتِي (ثُمَّ) أَيْ: بَعْدَ التَّصْوِيرِ، وَالِاسْتِنْطَاقِ بِحُكْمِ تَقْدِيرِ الْخَلَّاقِ (أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ) أَيْ: بِالتَّوْحِيدِ، وَالْمِيثَاقِ، وَهُوَ - تَوْكِيدُ الْعَهْدِ بِالْإِقْرَارِ، أَوِ الْمُرَادُ الْعَهْدُ لَئِنْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِمْ، وَالْمِيثَاقُ الْأَيْمَانُ الْمُؤَكَّدَةُ لَيُوَفُّنَّ بِذَلِكَ ﴿وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢] أَيْ: عَلَى ذَوَاتِهِمْ، أَوْ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، أَوْ قَالَ لَهُمِ: اشْهَدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ يُؤَيَّدُ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ شَهِدْنَا بِقَوْلِهِمْ ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢]: إِمَّا اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ، وَإِمَّا التَّقْدِيرُ: أَشْهَدَهُمْ بِقَوْلِهِ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ أَيِ: اسْتَشْهَدَهُمْ بِهَذَا (قَالُوا: بَلَى): كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ، وَفِي بَعْضِهَا مَتْرُوكٌ لَفْظًا، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا مَعْنًى إِذِ الْمَعْنَى قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا (قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ) أَيْ: نَفْسَهَا بِأَنْ رَكَّبَ فِيهَا عُقُولًا مَعَ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى أَنَّ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ عِلْمًا بِمُوجِدِهَا أَيْ: نَفْسِهَا، أَوْ أَهْلِهَا (وَالْأَرَضِينَ): بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَتُسَكَّنُ (السَّبْعَ): كَذَلِكَ أَيْ: زِيَادَةً عَلَى شَهَادَتِكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: إِشَارَةً إِلَى نَصْبِ الدَّلِيلِ الظَّاهِرِ، فَأُشْهِدُ بِمَعْنَى أَنْصِبُ، وَأُبَيِّنُ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَأُشْهِدُ عَلَيْكُمْ أَبَاكُمْ آدَمَ): وَأَوَّلَ الطِّيبِيُّ هَذَا أَيْضًا بِأَنَّهُ إِلَى قَوْلِهِ: يُذَكِّرُونَكُمْ إِشَارَةً إِلَى النُّصُوصِ الشَّاهِدَةِ الْوَارِدَةِ مِنْ جِهَةِ الرُّسُلِ (أَنْ تَقُولُوا): بِالْخِطَابِ لَا غَيْرَ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لَمْ نَعْلَمْ) أَيْ: لَمْ نُوقِنْ بِهَذَا (اعْلَمُوا) أَيْ: تَحَقَّقُوا الْآنَ قَبْلَ مَجِيءِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَتَبَيُّنِ الْأَمْرِ بِالْعِيَانِ (أَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرِي): مَعْبُودٌ (وَلَا رَبَّ غَيْرِي): مَوْجُودٌ (وَلَا تُشْرِكُوا بِي شَيْئًا): فَإِنِّي مَقْصُودٌ (إِنِّي): قِيلَ: بِالْفَتْحِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِمَّا قَبْلَهُ، وَبِالْكَسْرِ اسْتِئْنَافٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَيْ: إِنِّي مَعَ هَذَا الْبَيَانِ (سَأُرْسِلُ إِلَيْكُمْ): فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ (رُسُلِي): بِالْبُرْهَانِ (يُذَكِّرُونَكُمْ): بِتَشْدِيدِ الْكَافِ (عَهْدِي، وَمِيثَاقِي، وَأُنْزِلُ عَلَيْكُمْ كُتُبِي): بِوَاسِطَةِ رُسُلِي، وَفِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِعَهْدِي، وَمِيثَاقِي، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ [البقرة: ٤٠] وَهَذَا كَالتَّصْرِيحِ لِمَا قَدَّمْنَا مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمِيثَاقِ الْمَقَالِيِّ، وَالْحَالِيِّ، وَالْعَهْدِ الْحِسِّيِّ، وَالْمَعْنَوِيِّ (قَالُو: شَهِدْنَا) أَيْ: عَلِمْنَا، وَاعْتَرَفْنَا (بِأَنَّكَ رَبُّنَا): وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ رَضِينَا بِرُبُوبِيَّتِكَ (وَإِلَهُنَا): وَإِلَهُ كُلِّ شَيْءٍ فَنَقُومُ بِحَقِّ عُبُودِيَّتِكَ. بِمُقْتَضَى أُلُوهِيَّتِكَ (لَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ): فَإِنَّكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (وَلَا إِلَهَ لَنَا غَيْرُكَ): فَإِنَّكَ إِلَهُ الْعَابِدِينَ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كَانَ وَجْهُ تَقْدِيمِهِمْ هَاهُنَا مَقَامَ الرُّبُوبِيَّةِ أَنَّ شُهُودَ تَرْبِيَةِ الْحَقِّ حَامِلٌ أَيْ: حَامِلٌ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْأُلُوهِيَّةِ، فَكَانَ أَحَقَّ بِالتَّقْدِيمِ هُنَا، وَإِنَّمَا عُكِسَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ تَعَالَى لِأَنَّ مَقَامَ الْأُلُوهِيَّةِ هُوَ الْأَحَقُّ بِأَنْ يُنَبَّهَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَمَا عَدَاهُ وَسِيلَةٌ لَهُ كَمَا تُقُرِّرَ (فَأَقَرُّوا بِذَلِكَ) أَيْ: بِجَمِيعِ مَا ذَكَرَ (وَرُفِعَ): بِالْبِنَاءِ
1 / 198