Espejo de los Jardines y Advertencia para los Conscientes en el Conocimiento de los Eventos Importantes del Tiempo
مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر¶ من حوادث الزمان
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
قال بعض أصحاب التواريخ: ولم يلق أحدًا منهم ولا اخذ عنه، واصحابه يقولون لقي جماعة من الصحابة وروى عنهم، قال: ولم يثبت ذلك عند النقاد. وذكر الخطيب في تاريخ بغداد: انه رأى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه كما تقدم، وأخذ الفقه عن حماد بن أبي سليمان، وسمع عطاء بن أبي رباح وأبا إسحاق السبيعي ومحارب بن دثار والهيثم بن حبيب الصواف ومحمد بن المنكدر ونافعًا مولى عبد الله بن عمرو وهشام بن عروة وسماك بن حرب، روى عنه عبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح والقاضي أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني وغيرهم، وكان عالمًا عاملًا زاهدًا ورعًا تقيًا كثير الخشوع دائم التضرع إلى الله تعالى. ونقله أبو جعفر المنصور من الكوفة إلى بغداد على أن يوليه القضاء فأبى، فحلف لتفعلن وحلف أبو حنيفة أنه لا يفعل، فقال الربيع بن يونس الحاجب: الا ترى أمير المؤمنين يحلف؟ فقال أبو حنيفة أمير المؤمنين على كفارة أيمانه قد رمني على كفارة أيماني، وأبى أن يبلى فأمر به إلى الحبس في الوقت، والعوام يدعون أنه تولى أيامًا ولم يصح هذا من جهة النقل. وقال الربيع رأيت المنصور يكلم أبا حنيفة في أمر القضاء وهو يقول اتق الله ولا تدع في أمانتك إلا من يخاف الله، والله ما أنا مأمون الرضى، فكيف أكون مأمون الغضب؟ ولو اتجه الحكم علي ثم تهددتني أن تغرقني في الفرات أو إلى الحكم لاخترت أن أغرق، ولك حاشية يحتاجون إلى من يكرمهم، ولا أصلح لذلك، فقال له: كذبت أنت تصلح، فقال قد حكمت لي على نفسك، فكيف يحل لك أن تولي قاضيًا على أمانتك وهو كذاب؟. قال الخطيب أيضًا في بعضى الروايات: ان المنصور لما بنى مدينة ونزلها، ونزل المهدي في الجانب الشرقي وبنى مسجد الرصافة، ارسل إلى أبي حنيفة فجيء به، فعرض عليه قضاء الرصافة فأبى، فقال له: ان لم تفعل ضربتك بالسياط. قال: او تفعل؟ نعم، فقعد في القضاء يومين فلم يأته أحد، فلما كان
في اليوم الثالث أتاه رجل صفار ومعه آخر، فقال الصفار: لي على هذا درهمان وأربعة دوانق ثمن تور صفر. فقال أبو حنيفة: اتق الله وانظر فيما يقول الصفار، فقال ليس علي شيء، فقال أبو حنيفة للصفار: ما تقول؟ فقال: استحلفه لي فقال أبو حنيفة: قل والله الذي لا إله إلا هو، فجعل يقول، فلما رآه أبو حنيفة مقدامًا على اليمين قطع عليه وأخرج من صرة في كمه درهمين ثقيلتين، وقال للصفار خذ هذا عوض ما لك عليه، فلما كان بعد يومين اشتكى أبو حنيفة فمرض ستة أيام ثم مات. وكان يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري أمير العراقين أرده للقضاء بالكوفة أيام مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية، فأبى عليه، وضربه مائة سوط وعشرة سواط، كل يوم عشرة أسواط. وهو على الامتناع، فلما رأى ذلك خلى سبيله، وكان الإمام أحمد بن حنبل إذا ذكر ذلك بكى وترحم على أبي حنيفة، وذلك بعد إن ضرب الإمام أحمد على ترك القول بخلق القرآن، يعني البكاء والترحم. وذكر الخطيب في تاريخه أيضًا أن أبا حنيفة ﵁ رأى في المنام أنه ينبش قبر رسول الله ﵌. فبعث من سأل محمد بن سيرين، فقال ابن سيرين: صاحب هذه الرؤيا يثور علمًا لم يسبقه إليه أحد. وقال الإمام الشافعي ﵁ قيل لمالك هل رأيت أبا حنيفة؟ قال نعم رأيت رجلًا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبًا لقام بحجته وروى حرملة ين يحيى عن الشافعي، قال: الناس عيال على هؤلاء الخمسة من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة، ومن أراد أن يتبحر في التفسير فهو عيال على مقاتل ين سليمان، ومن أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي ومن أراد أن يتبحر في الشعر فهو عيال على زهير بن أبي سلمى، ومن أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على بن محمد بن إسحاق. وفيها توفي وقيل في التي قبلها وقل في التي بعدها أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح القرشي مولاهم المكي، كان أحد العلماء المشهورين، ويقال إنه أول من صنف الكتب في الإسلام، قال ﵀: كنت مع معن بن زائدة باليمن فحضر وقت الحج، فلم يخطر لي نية، فخطر ببالي قول عمرو بن ربيعة: اليوم الثالث أتاه رجل صفار ومعه آخر، فقال الصفار: لي على هذا درهمان وأربعة دوانق ثمن تور صفر. فقال أبو حنيفة: اتق الله وانظر فيما يقول الصفار، فقال ليس علي شيء، فقال أبو حنيفة للصفار: ما تقول؟ فقال: استحلفه لي فقال أبو حنيفة: قل والله الذي لا إله إلا هو، فجعل يقول، فلما رآه أبو حنيفة مقدامًا على اليمين قطع عليه وأخرج من صرة في كمه درهمين ثقيلتين، وقال
1 / 243